بادرة فلسطينية طيبة موجهة إلى بايدن
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • في الأسابيع الأخيرة ازداد ضغط مسؤولين في إدارة بايدن الجديدة على كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات في مناطق السلطة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن. الرسالة التي نُقلت إلى رئيس السلطة محمود عباس كانت بسيطة: الرئيس المنتخَب جو بايدن يريد رؤية عملية ديمقراطية يجري من خلالها ضخ دماء جديدة في القيادة الفلسطينية.
  • يريد بايدن رؤية نظام فلسطيني جديد مبني على مؤسسات، هذا ما جرى إيضاحه لمحمود عباس، وهذا هو شرط حصول السلطة الفلسطينية على بادرات حسنة أميركية، أي استئناف المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية وللأونروا، ونقل القنصلية الأميركية إلى القدس الشرقية، استئناف المفاوضات السياسية وغيرها مرتبط بإجراء انتخابات.
  • رئيس السلطة التقط الرسالة بسرعة. أيضاً الاتحاد الأوروبي نقل إليه طلباً مشابهاً واشترط استئناف المساعدة المالية للسلطة بإجراء عملية ديمقراطية تتمثل بانتخابات، وعلى الرغم من أن محمود عباس ليس معنياً بالانتخابات فإنه لا يستطيع تجاهُل الضغط الأميركي والأوروبي، ويجب عليه أن يلعب اللعبة.
  • يتولى محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية منذ سنة 2005، بعد فوزه في الانتخابات عقب وفاة ياسر عرفات. عباس أحب منصبه وليس مستعجلاً للتنازل عنه و"التخلي عن البقرة الحلوب" التي تُدعى السلطة الفلسطينية، وفي تقدير مسؤولين كبار في "فتح" أنه سيلعب اللعبة مع الإدارة الجديدة والاتحاد الأوروبي، ومن خلال هذه الحركة سيجد وسيلة لعرقلة الانتخابات.
  • أيضاً حركة "حماس" تقرأ الواقع الجديد ولا تريد أن تبقى خارج اللعبة "الديمقراطية" الفلسطينية. تنتظر "حماس" منذ وقت طويل اعترافاً أميركياً وشرعية دولية، وتريد أن تُظهر لإدارة بايدن أنها ليست تنظيماً إرهابياً بل هي جزء "شرعي" من المنظومة السياسية الفلسطينية. ولن تسمح "حماس" للسلطة الفلسطينية باتهامها بإفشال الانتخابات، لذلك قام زعيم الحركة إسماعيل هنية بخطوة مفاجئة وأعلن موافقته على شروط محمود عباس لإجراء انتخابات، أي البدء بانتخاب البرلمان [المجلس التشريعي] الفلسطيني، وبعد ذلك وبالتوالي انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.
  • هناك سبب إضافي لموافقة حركة "حماس" على الخطوة، أنها لم تحقق حتى الآن أي إنجاز حيال إسرائيل، وطريق الإرهاب [كذا] لم يحقق لها أي إنجاز سياسي. في "حماس" يتذكرون بلهفة الانتصار الكبير الذي حققوه في سنة 2006 في انتخابات البرلمان الفلسطيني، ويريدون تكرار الإنجاز، وخصوصاً في ضوء حقيقة أن محمود عباس حلّ البرلمان بأمر رئاسي لأن "حماس" كانت تملك فيه أغلبية الأصوات، ونقل صلاحياته إلى المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
  • في هذه الأثناء، وافقت السلطة الفلسطينية و"حماس" على المضي قدماً، بحسب التفاهمات التي جرى التوصل إليها في اجتماع إسطنبول، ويبدو الجدول الزمني حالياً كالتالي:
  • حتى 20 من هذا الشهر يُصدر محمود عباس أمراً رئاسياً لتحديد موعد الانتخابات للبرلمان، والرئاسة، والمجلس الوطني الفلسطيني، وسيفعل ذلك في توقيت قريب من دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض. تجري الانتخابات بالتدريج، أولاً انتخابات المجلس التشريعي، وبعدها انتخابات رئاسة السلطة، ثم المجلس الوطني الفلسطيني، وهذه العملية كلها يجب أن تنتهي خلال فترة 6 أشهر. في الشهر المقبل سيذهب ممثلو الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة لبحث موضوع الانتخابات مع رئيس الاستخبارات المصرية. بحسب مصادر في "فتح"، الموعد المحتمَل للمرحلة الأولى، أي انتخابات البرلمان، هو أيار/مايو المقبل بعد شهر رمضان. تدّعي مصادر في "فتح" أن محمود عباس يدرس ترشيح حركة "فتح" في قائمة مشتركة مع "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي بينما موازين القوى بينهما محدد سلفاً. عملياً ستكون هذه الخطوة بمثابة شراكة في السلطة، لكن حركة "فتح" ستحتفظ بالصدارة وسيحتفظ محمود عباس بمنصبه.

الموقف الإسرائيلي

  • في هذه الأثناء تلتزم إسرائيل الصمت ولا تتدخل. بالنسبة إليها ما يجري هو موضوع فلسطيني داخلي، وهي لا تريد أن يستخدمها الفلسطينيون ويصورونها كمعرقل للعملية التي لا تزال في بدايتها في هذه المرحلة.
  • في سنة 2006 خضع رئيس الحكومة آنذاك أريئيل شارون لضغوط إدارة بوش ووافق على مشاركة سكان القدس الشرقية في الانتخابات، العملية سلكت طريقها و"حماس" هزمت "فتح" في الانتخابات.
  • يمنع اتفاق أوسلو مشاركة حركات وتنظيمات إرهابية في الانتخابات، ومنذ الفوز في الانتخابات البرلمانية أقامت "حماس" في قطاع غزة قاعدة ضخمة مع صناعة سلاح صاروخي وتطوير وسائل قتالية لها علاقة بإيران، عملت على ترسيخها يومياً، وتعرّض للخطر أمن إسرائيل.
  • فوز "حماس" في الانتخابات سيعزز قوة إيران وتركيا في أراضي الضفة الغربية. إجراء انتخابات في المناطق هو جزء مهم من اتفاق أوسلو ومن العملية الديمقراطية لانتخاب قيادة ومؤسسات حكم فلسطينية، لكن يجب منع حركة إرهابية مثل "حماس" من المشاركة فيها. ثمة نقطة إضافية لها علاقة بموضوع القدس، مشاركة سكان القدس الشرقية في الانتخابات سيقوض مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل، وهي مكانة حصلت على شرعية من إدارة ترامب، ويجب ألّا توافق إسرائيل على أي خطوة تقضم مكانة القدس الشرقية، كما يجب عليها ألّا تتساهل في الموضوع الأمني.