ظهور نتنياهو في الناصرة ليس موجهاً فقط إلى العرب بل أيضاً إلى الليكوديين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- يا له من حظ حسن أن جدعون ساعر استقال من الليكود، وأن نتنياهو خسر بين يوم وآخر "الأغلبية اليهودية" لإقامة ائتلاف. لولا ساعر "العهد الجديد في العلاقات اليهودية - العربية" الذي أعلنه نتنياهو في الأمس في الناصرة بصوت مخنوق من شدة الانفعال، ما كان ليحدث. لولا ضنْك الأوقات السياسية الصعبة، "زوجتي سارة وأنا" لم يتذكرا فجأة بعد مرور عقد على موت أبويهما الرعاية المخلصة التي قدمها لهم الأطباء والممرضات العرب. لولا المقاعد الناقصة التي يحتاج إليها للحصول على حصانة برلمانية، أو من أجل قانون فرنسي قبيح [قانون يمنح الحصانة لرؤساء الحكومات ويمنع محاكمتهم] لما كان نتنياهو اكتشف وجود بلدات عربية؛ في الأسابيع الأخيرة زار ثلاثاً منها، أغدق كلمات الحب والمصالحة، ودللهم أكثر من سانتا كلوز.
- سنوات طويلة ونتنياهو ينكّل بالجمهور العربي. يسن قانوناً ضده ويحرّض عليه ويقصيه ويقسّمه. في سنة 2015 حذّر من اقتراع جماهيري (لم يحدث فعلياً). النواب العرب يصفهم "بأنصار الإرهاب". قاد قانون القومية العنصري وقانون الكاميرات العنصري. في المعارك الانتخابية الأخيرة، عندما تخوف من استعانة حزب أزرق أبيض بأصوات أعضاء الكنيست العرب، فقد كل الضوابط. العنصرية وكراهية العرب سيطرتا على حملات الليكود. كل شيء كان يمليه مقر رئاسة الحكومة في بلفور، والكل جرى بإيحاء منه. خطاباته كانت تحريضية ونصوصه مرعبة. "يهود وغير يهود"، اعتاد القول في جلسات الكنيست. فقط شخص مستهتر كلياً مثل نتنياهو قادر على تقبيل الوجه الذي بصق عليه مرات عديدة والتظاهر بأنه يتمتع بذلك.
- كان لليكود دائماً موطىء قدم ما في الشارع العربي. هذه المرة رأى نتنياهو نافذة فرصة يستطيع من خلالها توسيع موطىء القدم هذا. القائمة المشتركة خيبت الآمال، وضعفت. بني غانتس استخدمه ثم رماه. الناخبون يُظهرون لامبالاة. ويجب أن نعترف بأن حكومة نتنياهو ضخت أموالاً إلى الجمهور العربي. استراتيجيته (الذكية يجب الاعتراف) لا تهدف فقط إلى الحصول على مقعد إضافي هنا. هذا سيكون جائزة إضافية. الهدف الأساسي من ناحيته هو تهيئة ناخبيه لتقبُّل أن يشد بعد الانتخابات عدة أعضاء كنيست من العرب إلى عجلة الحصانة/ القانون الفرنسي. بالتأكيد سيكون هؤلاء أصدقاءه الجدد من قائمة الحركة الإسلامية التي يتزعمها منصور عباس.
- بعد استعراضات الحب والحضن التي ستزداد وتكثر حتى 23 آذار/مارس، أيضاً أنصار بيبي المتحمسون والتحريضيون لن يتذمروا إذا عيّن نتنياهو منصور عباس وزيراً، أو إذا تحول أعضاء القائمة الإسلامية إلى شركائه المخلصين في الكنيست. سيبدو هذا طبيعياً لهم. ومجدداً يجب أن يقولوا إن هذا طبيعي، وأنه حان الوقت لدمج السياسيين العرب في السلطة. لن يكون في إمكان اليساريين أن يتذمروا: ما تخوف سياسيوهم من فعله على الدوام، خوفاً من أن توصمهم آلات التشويه الليكودية بحب العرب وكراهية اليهود، سيفعله نتنياهو ومن دون تردد. هذا ما فعله عندما صافح يد ياسر عرفات، وعندما اعترف بدولة فلسطينية في خطابه في جامعة بار إيلان، وعندما جمّد البناء في المستوطنات بضغط من الأميركيين.