تدمير الصهيونية من أجل مسيانية متعصبة
تاريخ المقال
المصدر
- لا يخلو موكب الحماقة في التاريخ اليهودي من قادة متعصبين متطرفين مسيانيين مصابين بجنون العظمة ومتلاعبين بالآخرين، سببوا بسياساتهم الدمار والخراب، وخسارة الاستقلال السياسي وسحق الشعب. الضم ليس خطوة هدفها خدمة المصالح الأمنية، بل هي تحقيق أيديولوجيا قومية، وجعل أرض إسرائيل قيمة عليا، فوق الرؤية الصهيونية التي تشكل الحل للشعب اليهودي في أرض إسرائيل، وليس أرض إسرائيل للشعب اليهودي.
- الذريعة الأمنية التي يحاول أنصار الضم استخدامها كمبرر هي ورقة تين، حجة لا تتلاءم مع تفوق إسرائيل العسكري، ولا مع الواقع العربي، وبالتأكيد ليس في مرحلة السلاح المنحني المسار الحديث.
- لقد فقد غور الأردن كحدود أهميته الأمنية التي كانت قبل عصر الصواريخ. حالياً ليس هناك أي أهمية لعشرات أو مئات الكيلومترات من عمق استراتيجي. تهديد الصواريخ الإيرانية وأي سلاح منحني المسار - سيستمر في الوجود حتى لو توسعت حدود الدولة نحو غور الأردن. وعموماً السلام مع المملكة الأردنية أقوى بكثير من سياجات أو عوائق حدودية.
- المستوطنات أيضاً ليس لها قيمة أمنية، بل على العكس، هي عبء أمني. هدف الفرقة الموسعة في الضفة الغربية هو قبل كل شيء المحافظة على أمن المستوطنين.
- الضم لن يغيّر الواقع الإسرائيلي في غور الأردن. السيطرة هناك من تلقاء ذاتها مطلقة. السكان الفلسطينيون في المنطقة، باستثناء جيب أريحا الموجود خارج خريطة الضم، عددهم قليل، مهملون ويعيشون في الأطراف، ليس بالنسبة إلى إسرائيل بل أيضاً بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية. هؤلاء السكان لا يشكلون مشكلة أو إزعاجاً أمنياً، ومن الممكن الافتراض أنهم سيظلون كذلك أيضاً تحت السيادة الإسرائيلية.
- الضم الذي يمنح الفلسطينيين وضعاً قانونياً كمقيمين دائمين شبيهاً بوضع الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية، سيجبر إسرائيل على إعطائهم حقوق تعليم وصحة وضماناً اجتماعياً وغير ذلك، والمزيد من الأعباء الاقتصادية. من الناحية الفلسطينية - حرس الحدود سيحل محل جنود لواء الغور.
- نتنياهو متحمس لتطبيق الضم كمشروع شخصي له، من دون نقاش معمق في مجلس الأمن القومي، وفي الكنيست أو الحكومة، وأيضاً من دون الاستماع إلى قانونيين ومفكرين وخبراء آخرين. غياب مثل هذا النقاش حتى الآن وجّه الحديث في وسائل الإعلام نحو هوامش المشكلة وليس إلى مركزها. أي إلى الرد الفلسطيني العنيف، والمس بالسلام مع الأردن ومصر، وتشويش العلاقات السرية مع دول عربية معتدلة، وشبكة العلاقات مع أوروبا، بدلاً من طرح السؤال الأساسي: مستقبل دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وصهيونية.
- لا استخف بالسيناريوهات الأمنية والسياسية. لا أريد مشاهدة باصات تنفجر، ولا طرد السفير الإسرائيلي من الأردن، ولا رؤية كبار المسؤولين وقادة الجيش والأمن على مقاعد المتهمين في محكمة لاهاي الدولية. لكن كل هذا لا يشكل خطراً وجودياً.
- الخطر الحقيقي للضم من زاوية تاريخية، استراتيجية، ديموغرافية، ديمقراطية ويهودية هو التدهور نحو منحدر زلق في اتجاه دولة ثنائية القومية لن تكون يهودية ولا صهيونية ولا ديمقراطية، وستوصَم كدولة أبرتهايد.
- بهذه الطريقة يتحول الضم الأيديولوجي القومي المسياني إلى دمار مزدوج، وسيسجل في التاريخ كخطوة إضافية في مسيرة الحماقة اليهودية التي ستؤدي مجدداً إلى تدمير ذاتي. طوال 53 عاماً امتنع زعماء مثل مناحيم بيغن ويتسحاق شامير أو أريئيل شارون من اتخاذ قرارات الضم في الضفة. الرئيس رؤوفين ريفلين أثار، عن حق وبمسؤولية، مسألة أن قرارات مصيرية كهذه تتطلب نقاشاً عاماً واسعاً أكبر.
- ضمن المخاوف من الكورونا، الوباء الموقت، يجب إبقاء مكان أكبر بكثير لمخاوف الضم. وقبل أن يُتخذ قرار، على ما يبدو، من جانب شخص واحد، وانطلاقاً من اعتبارات أجنبية، يجب توسيع النقاش لاتخاذ قرار حكيم وصحيح في قضية مصيرية بالنسبة إلى مستقبلنا. ليس مجدياً تدمير الرؤية الصهيونية من أجل رغبات مسيانية.