ثلاثة أخطاء شائعة تتعلق بالضم
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- النقاش العام بشأن الضم تحرك بتأخير كبير، بداية بسبب الشك في جدية الخطوة، وبعد ذلك بسبب الكورونا. الوقت القليل المتبقي للنقاش يزيد من خطر أن يغرق الجمهور في أخطاء ومفاهيم خاطئة تتعلق بمضامينه. وفيما يلي نموذج عن ثلاثة أخطاء توطنت داخل الجمهور، وجزء منه أيضاً من اليسار العميق.
- الخطأ الأول والأكثر خطورة هو الادعاء أن الضم عملياً لن يغير شيئاً، لأنه "أصلاً هناك في أرض الواقع"، وأنه "حتى من دون ضم هناك أذى يلحق بالفلسطينيين." هذا الفهم يؤدي إلى تحول يساري خطر- تأييد صامت للضم من أجل "إزالة الأقنعة". هذه المقاربة تفتقر إلى فهم تداعيات فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية. الضم سيؤدي بالتأكيد إلى مصادرة ضخمة، جزء منها تلقائي، لأراض وأملاك فلسطينية، وإلى خطوة اقتلاع أفراد وعائلات وجماعات كاملة من المنطقة المضمومة بالقوة، وزيادة دراماتيكية في قوة السلطات المحلية للمستوطنين، التي هي اليوم مخلوق إداري ضعيف يسيطر عليه الجيش.
- الضم سيوسع عملية نهب أراضي الفلسطينيين وتطوير إسرائيلي لها بأحجام وبوتيرة ليست ممكنة قبل الضم. وستكون هذه الخطوة مرتبطة أقل بكثير بالحكومة وسياستها، وأكثر كثيراً بزعماء المستوطنات. انتبهوا مثلاً إلى ما قاله بنيامين نتنياهو عن غور الأردن في المقابلة مع "يسرائيل هَيوم" في نهاية الأسبوع الماضي: "[البلدات الفلسطينية في الغور] ستبقى كجيوب فلسطينية. أنت لا تضم أريحا. هناك مجموعة أو مجموعتان." هذا الكلام لم يكن صدفة. في الواقع يوجد نحو 50 قرية ومجموعات من الرعيان الفلسطينيين. بالنسبة إلى إسرائيل، أغلبيتهم غير شرعية، لذلك هي لن تتحول إلى جيوب عند الضم. وسيتحول آلاف السكان الذين يقطنون فيها إلى مقيمين غير شرعيين في "إسرائيل"، لذلك سيكونون عرضة للاقتلاع والنقل بالقوة إلى خارج الغور. ومثل هذه الخطوة ستحدث أيضاً في منطقة القدس.
- الخطأ الثاني الذي توطّن هو أنه بحسب خطة ترامب، في المنطقة غير المعدة لضم إسرائيلي، ستقوم دولة فلسطينية. اقرأوا الخطة. تخطوا اللغة الاستعمارية التي تتناول الشروط التي سيكون فيها الفلسطينيون متطورين بما فيه الكفاية من أجل الحصول على دولة، وتصلون إلى المقطع الذي يصف ما سيحصلون عليه. المقصود هو كيان لا سيطرة له على حركة الأشخاص والبضائع منه وإليه (لإسرائيل سيطرة)، ولا سيطرة له على مجالها الجوي (لإسرائيل سيطرة)، ولا يحق له توقيع اتفاقات ومعاهدات من أنواع معينة، وحقه في الانضمام إلى منظمات دولية مقيد، وحتى صلاحياته في مجال التخطيط والبناء خاضعة لفيتو إسرائيلي في مناطق قريبة من حدودها (تقريباً في كل مكان). إنها دولة تشبه طيراً من الدجاج لديه جناحان ومنقار، لكن ليس لديه فعلاً القدرة على الطيران.
- نتنياهو يدرك ذلك. في مقابلته مع "يسرائيل هَيوم" قال: "يجب أن يعترفوا بأن لنا السيطرة الأمنية على كل المنطقة. إذا وافقوا على هذا كله، سيكون لهم كيان خاص بهم، الرئيس الأميركي يصفه كدولة. سياسي أميركي قال لي: لكن بي بي، هذا لن يكون دولة. قلت له سمّوا ذلك ما تريدون." فقط أصوليون مثل المستوطنين يقدسون الرموز والرمزية، في إمكانهم معارضة خطة ترامب لأنه يسمّي البنتوستان الفلسطيني "دولة".
- الخطأ الثالث الذي تحول إلى قاسم مشترك، هو الإجماع على أننا إذا نجحنا في منع الضم، ستعود سياسة الصراع إلى النقطة التي كانت فيها قبل أن يقتحم فرض السيادة حياتنا، أي صراع بين مؤيدي الدولتين وأنصار الضم. يتجاهل هذا التحليل الارتداع السياسي الذي سينشأ جرّاء إحباط الضم. في السنوات الماضية كان لليمين حظ مذهل: دخول ترامب إلى البيت الأبيض، أوروبا أضعفتها الأزمات والبركسيت، ملفات نتنياهو غيرت حساباته السياسية، والكورونا غطت على الحديث قبل أن تقوم إسرائيل بحركة تكتونية أحادية الطرف. بالنسبة إلى معسكر الضم، كل الكواكب انتظمت، وما كان يبدو سابقاً خيالياً أصبح واقعياً. تخيلوا الآن أن الضم أُحبط. بالنسبة إلى أنصار اليمين، معنى ذلك أن المسيح جاء ودق على الباب، لكنهم لم ينجحوا في فتح الباب له.
- إذا لم يدخل الضم في حيز التنفيذ في الأشهر القريبة المقبلة، من المحتمل جداً ألّا يكون على جدول الأعمال لسنوات عديدة، وأن يتحول إلى خيار غير متصل بالموضوع. في اليوم التالي لإحباط الضم، سيبقى الاحتلال عينه، القديم والسيئ، والذي يجب محاربته، لكن الوضع السياسي سيكون جديداً. ومثل كل تغيير، من الممكن أن يفتح الباب لإمكانات لم تكن موجودة قبل ذلك.