المستوطنون اكتشفوا متأخرين ثمن خطة ترامب ولا ينوون دفعه
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • من كان يصدق أن المستوطنين تحديداً سيقودون إحدى أكثر الحملات شراسة ضد خطة دونالد ترامب للسلام. بعد الأيام التي رقص فيها أنصار اليمين في واشنطن مع إطلاق الخطة، تمكن كثيرون في مجلس يهودا والسامرة من قراءتها بتعمق، وتمعنوا في الخرائط المرفقة بها، وأدركوا أن كل شيء فيها ليس رائعاً بالنسبة إليهم. بل هو بعيد عن ذلك.
  • معارضو الخطة تقلقهم في الأساس مسألتان: الأولى هي الاعتراف المبدئي والرمزي بأنه سيأتي يوم ستقوم فيه إلى جانب دولة إسرائيل دولة فلسطينية على نحو 70% من أراضي الضفة الغربية. أي نهاية رؤية أرض إسرائيل الكاملة، أو على الأقل اعتراف رسمي بالاستعداد للتنازل عنها. المسألة الثانية، والعملية أكثر، تتعلق بمصير 15 مستوطنة وموقع استيطاني. بحسب الخطة، ستتحول هذه إلى نوع من الجيوب في داخل الدولة الفلسطينية، وسيجمّد البناء فيها مدة 4 سنوات على الأقل، من المفروض أن تتفاوض إسرائيل خلالها مع الفلسطينيين على الأرض، وأن تحافظ عليها لهم. سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان أوضح أن في الإمكان البناء هناك باتجاه الأعلى، لكن سكان الجيوب المستقبلية لم يشتروا رؤية أبراجه المرتفعة.
  • المستوطنون منقسمون حالياً بين الجناح البراغماتي الذي يعتقد أنه من الأفضل أن نأخذ من الأميركيين كل ما هو ممكن حالياً ولو بثمن أيديولوجي باهظ، وبين مَن يعتقد أن ما يدور الحديث عنه هو إفلاس أخلاقي حقيقي. هؤلاء وجدوا آذاناً صاغية مؤخراً لدى أعضاء المعارضة الجدد من حزب يمينا ("هذه ليست خريطة سيادة بل خريطة الدولة الفلسطينية، قال بتسلئيل سموتريتش للقناة السابعة)، ولدى الوزير رافي بيرتس الذي غرد هذا الأسبوع: "في صفقة القرن هناك أجزاء مقلقة جداً. سنسير مع فرض السيادة بكل قوة، لكن لن نسمح بأي وضع وشكل من الأشكال بإقامة دولة فلسطينية."
  • في هذا السياق، من المثير للاهتمام قراءة ما كتبه أبناء عائلة هعتسني عن الموضوع، وهي من كبار عائلات المستوطنين. إلياكيم هعتسني كتب مقالاً حاداً في القناة 7 جاء فيه: "لا يمكن بأي شكل من الأشكال فرض السيادة ضمن إطار خطة ترامب، لأننا بذلك نحرك تلقائياً آلية الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتجميد الاستيطان. هذا الأمر يشبه مَن يقوم بإبعاد الكرسي الذي يقف عليه ويشنق نفسه بنفسه." ابنه نداف هعتسني كتب في معاريف: "قبول خطة ترامب يعرّض للخطر جوهر وجود المستوطنات ودولة إسرائيل كلها." القناة 7 استشهدت أيضاً بأبراهام شافوت، وهو من أوائل المستوطنين في السامرة، الذي ادعى أن "خريطة ترامب هي أخطر بالنسبة إلى الاستيطان من خريطة أوسلو."
  • في واشنطن وفي القدس ينظرون بقلق متزايد إلى الأول من تموز/يوليو، موعد إعلان الضم، خوفاً من أن تصطدم الخطوة بمعارضة من اليمين، تحديداً من داخل الائتلاف الحكومي وخارجه. أطراف أميركية رسمية توضح للمستوطنين أنها محبطة بسبب "جحودهم" حيال الإدارة الأميركية التي قدمت أفضل اقتراح لهم حتى الآن، ويذكّرونهم بأن واشنطن لن تنظر بعين الرضا إلى رفضهم بعد كل ما بذلته من أجل اليمين الإسرائيلي خلال فترة ولاية ترامب.
  • الأميركيون لا ينكرون ولا يخفون ثمن ضم المستوطنات- قبول باقي بنود الخطة. هم يشددون على أن الخريطة التي يرفضها المستوطنون المعارضون للخطة في الكنيست  ليست نهائية مع أنه ليس من المتوقع أن تحدث تغييرات دراماتيكية. فريدمان نفسه قال لصحيفة "يسرائيل هَيوم": "الأساس هو أن الأرض الإسرائيلية لن تكون أكبر من 50% من المنطقة ج، وهو ما يشكل 30% من الضفة الغربية." في هذه الأثناء، وباء الكورونا والانتخابات الرئاسية الأميركية القريبة، والصراع مع الصين وموضوعات كثيرة أُخرى تسرق الاهتمام الذي تظهره الولايات المتحدة إزاء مشكلات الشرق الأوسط، والبيت الأبيض أقل رغبة في التصلب في الرأي حيال الإسرائيليين والفلسطينيين.
  • هذه ليست المرة الأولى التي تثور فيها نقاشات عاصفة بين أنصار التسويات وبين أنصار المبادىء في قيادة المستوطنين. يجري هذا في كل مرة يُطلب منهم تقديم الحل السياسي الأفضل بالنسبة إليهم. خلال سنوات بُذلت عدة محاولات لتقديم مثل هذه الخطة، وفي كل مرة كانوا يوقظون الشيطان نفسه: ما الأكثر أهمية، أرض إسرائيل الكاملة أو ما يمكن أن يتحقق منها؟ هل نعارض قيام دولة فلسطينية بأي ثمن أو نقبل أيضاً قيامها؟ كلما اقترب موعد الضم، إذا جرى تطبيقه في الموعد المحدد، كلما ازدادت حدة هذه المعركة أكثر فأكثر.