الحرب السيبرانية بين إسرائيل وإيران بدأت وستبقى معنا
تاريخ المقال
المصدر
- سيسجل شهر أيار/مايو الحالي بأنه الشهر الذي بدأت فيه حرب من نوع جديد بين إسرائيل وإيران في مجال السايبر. والرصاصات الأولى لهذه الحرب انطلقت مع الهجوم الإيراني على شبكة المياه الإسرائيلية وردة الفعل المنسوبة إلى إسرائيل ضد الميناء البحري الإيراني [ميناء "الشهيد رجائي" بالقرب من بندر عباس]، وهي تؤكد أن هذه الحرب التي كانت قرصانية في الماضي تحولت في الوقت الحالي إلى حرب شرعية بكل المقاييس.
- في هذه الحرب لا توجد جبهة قتالية مع مقاتلين أفراد. والجبهة التي يدور فيها القتال بين الجانبين هي الجبهة الداخلية، وكل البنى التحتية التي تحيط بنا وتقدم لنا خدمات ستكون مستهدفة خلالها. ووفقاً لكل المؤشرات، فهذه الحرب لا تزال في بدايتها ومن الآن فصاعداً ستتصاعد أكثر فأكثر.
- صحيح أن المواجهة في المجال السيبراني بين إسرائيل وإيران لم تبدأ الآن، لكنها في معظمها لم تتم ضد أهداف مدنية، وكانت متركزة في مجال جمع معلومات استخباراتية عن أهداف عسكرية. كما لا بد من أن نشير إلى أن مهاجمة أهداف مدنية، كما حدث في الهجوم على شبكة المياه الإسرائيلية، يمكن أن تهدد بالخطر حياة البشر. فمثلاً من شأن هجوم سيبراني يؤدي إلى اصطدام قطارين بعضهما ببعض أن يكون قاتلاً أكثر من أي صاروخ بالستي.
- وعلى الرغم من أن إسرائيل تمتلك قدرات كبيرة في مجال السايبر، وتُعتبر من الدول الأكثر حماية في العالم، فضلاً عن أن قدراتها الهجومية في هذا المجال تقترب من قدرات دول السايبر الأربع العظمى: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا، بينما تُعتبر إيران متخلفة عنها كثيراً، سواء من حيث الحماية أو الهجوم، فإنه لا يجوز الاستخفاف بهذه الأخيرة. وخلافاً لتطوير الطائرات المقاتلة، فإن تطوير أسلحة السايبر لا يحتاج إلى موارد هائلة. وإيران لا تنقصها العقول لذلك ولا ينقصها الصبر وطول البال.
- ولا يُعتبر الهجوم السيبراني الذي تعرضت له مواقع متعددة في إسرائيل أمس (الخميس) نموذجاً لقدرات إيران الحقيقية في هذا الشأن. فهذا الهجوم تم من خلال استغلال ضعف قائم في أحد أنظمة الكمبيوتر، والذي تستخدمه مواقع إسرائيلية كثيرة.
- إجمالاً يمكننا القول إننا ندخل من الآن في شكل جديد من الحرب، وهي حرب تختلف قواعدها عن قواعد الحرب المعروفة لنا حتى الآن. كما أنه ليس هناك أي أهمية للجغرافيا في وقائع الحرب السيبرانية. وفي إمكان إيران أن تهاجمنا بواسطة مقاول يعمل في كازاخستان أو بواسطة عناصر تابعة لها تعمل في فنزويلا.
- كما أن أدوات الحرب السيبرانية لا تغيّر أدوات الحرب القتالية التقليدية بل تُضاف إليها. ولذا يجري الاستعداد في إسرائيل لردة فعل إيرانية أكثر حدة، إلى جانب الاستعداد لردة الفعل المضادة من ناحية إسرائيل. ويمكن أن توجع هذه الحرب الإيرانيين أكثر منا، لكن من المهم جداً أن ندرك أن هذه الحرب أصبحت هنا وهي ستبقى معنا.