يجب أن نفحص بهدوء قضية الضم من طرف واحد
تاريخ المقال
المصدر
- خلال أيام الكورونا هذه، يبدو أن مسألة الضم هي مسألة ثقيلة الوطأة جداً بالنسبة إلى إسرائيل، ولا أحد يتوقف لإعطاء رأي بشأن لماذا يجب الضم الآن وما هي مخاطره. لذلك من المهم أن نلفت انتباه الزعماء والجمهور كيف أن هذه الخطوة ستضع مسؤولين كباراً ومواطنين إسرائيليين على بعد خطوة من تخوف حقيقي من الإحالة على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. الضم، أي تطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق أو مستوطنات في الضفة الغربية، يمكن أن يشكل القشة التي ستقصم ظهر البعير. وبذلك ستتوفر الحجة للقيام بإجراءات قانونية دولية جرى الامتناع من القيام بها منذ أكثر من 50 عاماً من السيطرة على المنطقة.
- ينص البند 49 (6) من وثيقة جنيف الرابعة، بشأن حماية المدنيين خلال الحرب، على أنه "يجب على القوة [المحتلة] ألّا تطرد وألّا تنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى المنطقة التي تحتلها". هذا البند تبناه قانون روما الذي اعتبر مثل هذه الخطوة جريمة حرب. صحيح أن إسرائيل لم توقّع الوثيقة، ولذلك لم تجرِ إدانتها من ناحية المنظومة الدولية.
- منذ سنة 1967، تحتفظ إسرائيل بأراضي الضفة الغربية، وتدّعي أن هذه الأراضي ليست محتلة، لكن عملياً، في نقاشات طلبات الالتماس المقدمة إلى المحكمة العليا، في الأساس خلال الـ15 عاماً الأخيرة، يمكن أن نخلص إلى القول إن إسرائيل لا تعترف بسريان مفعول الوثيقة عليها، لكنها بالتأكيد تعمل وفقاً لها.
- المدعية العامة في محكمة لاهاي بدأت في السنوات الأخيرة بفحص تمهيدي بشأن صلاحيتها البحث في تصرف الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية. من بين أمور أُخرى، الشكوك في حدوث انتهاكات تُعتبر جرائم حرب تشمل مسألة المستوطنات.
- في ضوء التخوف من أن تأمر المدعية العامة بفتح تحقيق، سارع المستشار القانوني للحكومة مندلبليت إلى نشر مراجعة قانونية في كانون الأول/ديسمبر الماضي تضمنت حججاً قانونية تثبت أنه ليس من صلاحية المحكمة الدولية النظر في هذا الموضوع، وجزم: "لدى إسرائيل حجج قانونية قوية فيما يتعلق بالمناطق التي يريد الفلسطينيون إعطاء المحكمة الدولية صلاحيات حيالها. إسرائيل والفلسطينيون وافقوا، بدعم من المجتمع الدولي، على حل الخلاف بينهما بشأن مستقبل المناطق في إطار المفاوضات... الفلسطينيون، من خلال توجههم إلى المحكمة، يريدون خرق الإطار المتفق عليه بين الطرفين، ودفع المحكمة إلى حسم مسائل سياسية يجب أن تتوضح في مفاوضات، وليس من خلال مسار قضائي جنائي". هكذا، بينما، من جهة، تدافع الحكومة عن نفسها في وجه تحقيق في محكمة الجنايات الدولية، مؤكدة أن الموضوع هو موضع خلاف يمكن حله في اتفاق بين الطرفين، قامت من جهة أُخرى بالإعلان [عن نيّة] ضم من طرف واحد، وبذلك تجاهلت الحجة القانونية التي تخدم مصالح إسرائيل.
- بين المخاطر الاقتصادية والأمنية للضم من طرف واحد، ذُكر الخوف من أن تشكل هذه الخطوة خطراً على السلام مع الأردن والتعاون الأمني معه، وذُكر أيضاً إمكان انهيار السلطة الفلسطينية مع كل تداعياته. حالياً، إسرائيل والعالم مشغولان بأزمة الكورونا الأخطر منذ الحرب العالمية الثانيةـ لكن هذا لن يستمر إلى ما لانهايةـ وفي اليوم التالي للأزمة، يمكن أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة دولية حادة.
- على سبيل المثال، يمكن أن يُلحق تطبيق القانون ضرراً بالغ الخطورة بشركات إسرائيلية. بحسب القانون الإسرائيلي، سيُسمح لها بالعمل في الضفة الغربية منذ اللحظة التي سيعلن فيها أنها تشكل جزءاً من الدولة، لكن بحسب قوانين الدول للتصدير والاستيراد، فإنها مخالفة للقانون، وستُفرض عليها عقوبات، أو يُمنع عملها في هذه الدول بصورة كاملة. يكفي أن نتخيل مغزى أن يُمنع بنك إسرائيلي من العمل في دول مهمة في أوروبا.
- من المناسب قبل توريط مواطني إسرائيل بقرار مصيري مثل الضم من طرف واحد، أن تفحص الحكومة والكنيست بعمق مجمل تداعيات هذه الخطوة المتهورة، وأن يعرضا النتائج التي توصلا إليها أمام الجمهور الواسع بشفافية كاملة، بما فيها استراتيجيا الخروج والنجاة من مختلف الأضرار المتوقعة.