ليس فقط حزب الله وإيران: الهجوم المنسوب إلى إسرائيل وُجّه ضد هدف سوري واضح
تاريخ المقال
المصدر
- المعطيات كما تبدو تتحدث عن نفسها: الهجوم الجوي الذي استهدف هذه الليلة مركز الأبحاث العلمي "السفيرة" الموجود في الجنوب الشرقي من مدينة حلب في سورية، هو السادس المنسوب إلى سلاح الجو الإسرائيلي في الشهر الأخير، والرابع في الأسبوعين الأخيرين.
- إذا كان حجم العمليات العسكرية المنسوبة إلى إسرائيل ضد عدة أهداف في سورية انخفض بعد أول أسبوعين من تفشي وباء الكورونا في الشرق الأوسط، فإن ما يبدو في الشهر الأخير هو أن هناك مَن يستغل لمصلحته ضائقة المحور الموالي لإيران في المنطقة، والضائقة في إيران وسورية ولبنان. هذه الضائقة تفاقمت بعد تفشي الكورونا، وبحماية الوباء، زادت إسرائيل في الشهر الأخير من الضغط العسكري، وتحاول استغلال الظرف لمصلحتها.
- بالاستناد إلى تقارير أجنبية، أهداف هجمات سلاح الجو في الشهر الأخير واسعة ومتنوعة، ولا تركّز فقط على أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات العاملة تحت رعايته. في موازاة الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل ضد مخازن سلاح وملاجىء محصنة تحت الأرض وقوافل عتاد عسكري، نُسب إليها أيضاً عدد من العمليات ضد حزب الله، وهجمات على مواقع مراقبة تابعة للبنية التحتية لـ"ملف الجولان"، التي تعمل بالقرب من الحدود مع إسرائيل، ويقوم بتشغيلها بصورة مباشرة قادة من حزب الله، وصولاً إلى التلويح الواضح الذي أصدرته إسرائيل من خلال مهاجمة سيارة كان يستقلها نشطاء كبار في حزب الله كانت تسير في أراض سورية قريبة جداً من الحدود مع لبنان.
- الهجوم الذي حدث ليلة أمس وُجّه بصورة واضحة ضد هدف سياسي عسكري سوري - معهد الأبحاث العلمية السورية، المقصود هدف عسكري واضح، هو فعلياً مركز لتطوير وسائل قتالية عديدة، من بينها تطوير سلاح كيميائي وبيولوجي لنظام الأسد.
- في الأشهر الأخيرة، عاد التهديد الكيميائي ليكون راهناً أيضاً بالنسبة إلى إسرائيل التي ترى في استمرار تطويره دافعاً كافياً لمهاجمته، وأيضاً مهاجمة أهداف سورية بارزة لا تدخل بصورة مباشرة ضمن تمركز إيران أو حزب الله في سورية. عملياً، في الأشهر الأخيرة نُسب إلى إسرائيل عدد من العمليات ضد محاولات الجيش السوري استعادة قدرات في السلاح الكيميائي التي تضررت كثيراً نتيجة الحرب الأهلية.
- فعلاً، لاحظوا في إسرائيل كما يبدو إلى جانب التوجه نحو محاولات التطوير المستجدة لسلاح كيميائي، أنه في أعقاب معطيات تدمير هذا السلاح، وبعد الضغط الأميركي والتهديد المبالغ فيه بغزو عسكري، بقيت قدرة أكبر من تلك التي قُدرت سابقاً.
- التعاون الوثيق المتزايد في السنوات الأخيرة بين الجيش السوري وحزب الله كان له تأثيره العميق في الجيش السوري وإعادة بنائه، ربما بصورة أكبر من الحرس الثوري الإيراني. حدث ذلك بصورة خاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في العراق. الحلف بين جيش الأسد وتنظيم نصر الله يطرح أيضاً احتمال أنه أيضاً يجري تنفيذ مشاريع مشتركة في منشآت تطوير عتاد عسكري وصناعات أمنية مثل "السفيرة"، بينما الجهد الأكبر لحزب الله يوظَّف في محاولة تطوير ترسانة صواريخ دقيقة مع قُطر إصابة للهدف يقل عن عشرة أمتار.
- في السنوات الأخيرة، تخوض إسرائيل معركة سرية ضد ذلك أيضاَ. ووفقاً لتقديرات مصادر استخباراتية لدينا، لا يوجد حتى الآن في لبنان قدرة مهمة من هذا النوع. كما نجحت إسرائيل في عرقلة المشروع، لكن حسن نصر الله، كعدو عنيد، يبدو أنه لا ينوي التخلي بسهولة عن مواصلة العمل، وليس من المستبعد أن جزءاً من العمليات المنسوبة إلى إسرائيل في الفترة الأخيرة في سورية كان موجهاً أيضاَ ضد هذه التهديدات.
- حتى الآن، مرت الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل من دون رد من الجانب الثاني، باستثناء تلويح واضح من حزب الله الذي ألحق ضرراً بالسياج الحدودي في الشمال، من خلال ثلاثة خروق في السياج. من المحتمل أنه في مواجهة العمليات الإسرائيلية سيأتي رد الحزب على طول الحدود مع لبنان. بالإضافة إلى ذلك، وضعُ الأمين العام لحزب الله ليس سهلاً، الأزمة الاقتصادية في لبنان حتى قبل الكورونا أدت إلى إيصال بلاد الأرز إلى حالة إفلاس اقتصادي حقيقي. جزء من الاحتجاجات الشعبية موجّه ضد حزب الله الذي ألحقت أيضاً الضائقة الاقتصادية في إيران أضراراً بميزانيته.
- التضافر بين الوضع الصعب لحزب الله واغتيال قاسم سليماني، والضائقة الإيرانية، وأيضاً الهدوء النسبي في الجنوب، يسمح لإسرائيل حالياً بأن تركز أكثر على ما يجري في الشمال واستغلال الفرص العملانية، أو على الأقل هذا ما يبدو.
- مع ذلك، يجب أن نتذكر أن الإيرانيين الذين أيضاً يعانون من ضائقة داخلية، ونصر الله بالتأكيد، لا ينوون الاستسلام بسهولة، لذا، فإن الفرضية التي تنطلق منها إسرائيل يجب أن تكون في مواجهة العمليات التي تنفذها، هناك في الطرف الثاني من يخطط لعمليات انتقامية.