الجانب المظلم للضم: تبييض العقارات المنهوبة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بحماية الفوضى السياسية والنقاش الاستراتيجي لبند الضم في الاتفاق الائتلافي، تم تحويل أنظار الرأي العام عن إحدى أكبر المؤامرات لنهب الأراضي الخاصة بالفلسطينيين منذ بدء الاحتلال في سنة 1967. وراء الحماسة الأيديولوجية والدافع الأمني، ظاهرياً، تختفي مؤامرة تبييض العقارات المنهوبة. تطبيق القانون الإسرائيلي على المنطقة ج، وعلى غور الأردن، سينقل إلى يدي دولة إسرائيل أراضي ضخمة مسجلة قانونياً بأسماء آلاف الفلسطينيين.
- أصحاب هذه الأراضي طُردوا أو غادروا إلى الأردن في أثناء حرب 1967، وأقاموا بمخيمات للاجئين. العديد من النازحين الذين يقدَّر عددهم بـ100 ألف إلى نحو 300 ألف شخص، هم لاجئون من سنة 1948، تركوا وراءهم منازل وأراضي في حيفا، ويافا، والقدس. تطبيق القانون الإسرائيلي على المنطقة ج سيحول أملاكهم وأملاك ورثتهم إلى "أملاك مهجورة"، أي إلى أملاك للدولة المحتلة التي تقوم بالضم.
- في سنة 2014، حكمت المحكمة العليا، بتشكيلة قوامها 7 قضاة، بأن ضم القدس الشرقية يسمح بالبدء بتطبيق قانون أملاك الغائبين على أملاك الفلسطينيين الذين غادروا أو طُردوا إلى الضفة الغربية. بناء على ذلك، ضم مناطق من الضفة سيحول أراضي النازحين إلى أملاك مهجورة. بحسب أمر القائد العسكري (58) العائد إلى سنة 1967، المطبّق على الضفة، وضع "اللاجئين الجدد" مختلف عن وضع إخوانهم القدامى الذين أُعلنت أملاكهم أملاكاً "مهجورة" وأُشر عليها "ممنوع دخول العرب".
- ينص الأمر العسكري على أنه "لدى عودة أحد مالكي هذه الأراضي، أو مَن كان يملك قانونياً الأرض المهجورة وأثبت ملكيته لها أو حقه فيها، بحسب الحالة، ينقل المسؤول الأرض أو ما تساويه إليه... أو إلى شخص من قِبله". حتى ذلك الحين، كانت الأراضي موضوعة في عهدة المسؤول عن الأملاك الحكومية في الإدارة المدنية، ولا يحق للدولة تخصيصها لحاجات استيطانية. إلى جانب أمر القائد العسكري، فرض مجلس الأمن في الأمم المتحدة على إسرائيل، في تموز/يوليو 1967، السماح لسكان المناطق الذي فروا في الحرب بالعودة إلى منازلهم. في اتفاق السلام مع مصر، وأيضاً في اتفاق أوسلو، تعهدت إسرائيل نفسها العمل على حل مشكلة النازحين.
- بحسب رأي البروفيسور القانوني إيل بنفنستي، تطبيق القانون الإسرائيلي على أراضٍ في الضفة الغربية لن يصمد في اختبار القانون الدولي، ويتناقض مع المبدأ الديمقراطي. وبحسب كلامه، أي ممارسة لصلاحيات حكومية إسرائيلية على الفلسطينيين (بعكس ممارسة صلاحيات القائد العسكري النابعة من القانون الدولي)، يمكن أن تُعتبر انتهاكاً غير مقبول لحقوق كرامة الفرد - لأنها تتعامل معه كشيء، ولا تطلب موافقته على سلطتها. يذكّر بنفنستي أنه بعد الثورة الفرنسية، عندما بدأ الجيش الفرنسي بالاستيلاء على أراضٍ تقع ما وراء الحدود، حرص على إجراء استفتاء عام في الأقاليم الجديدة - انطلاقاً من الإدراك أنه لا يمكن فرض الانتماء إلى دولة ديمقراطية على من لا يعطي موافقته على سلطتها.
- لكن في كل ما يتعلق بمشروع المستوطنات، القانون الدولي وأيضاً القواعد الديمقراطية، هي بمثابة توصية في أفضل الحالات. حكومات إسرائيل المتعاقبة تخلت تماماً عن القانون في كل ما يتعلق بأراضي النازحين في منطقة غور الأردن. يكشف التقرير السنوي لمراقب الدولة في سنة 2005، أنه في نهاية الستينيات وفي السبعينيات خُصصت آلاف الدونمات من الأرض التي كان يملكها نازحون لمستوطنات إسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي. مع إغلاق ستة معسكرات عسكرية، أمر رئيس الحكومة أريئيل شارون بإعطاء الأراضي "المحررة" إلى المستوطنات القريبة.
- أشار المراقب إلى أن المستشار القانوني لمنطقة الضفة الغربية حذر قبل عامين من ذلك من أن استخدام الأراضي هو غير قانوني، كما حذر من "عملية متسلسلة من شأنها أن تعرّض للخطر مجموع أراضي المستوطنات ذات الصلة". بحسب كلامه، الأطراف المسؤولة عن التوطين لم تبلّغ الذين اشتروا المنازل وقطع الأراضي - وأيضاً البنوك التي وضعت قروضاً في تصرفهم - أن ما يجري هو نهب للأراضي، نظرياً وعملياً.
- في حالة واحدة على الأقل، جرى نهب الأراضي بمساعدة ضابطين فاسدين في الإدارة المدنية ساعدا زوجين من المحتالين على السيطرة على أراضٍ يملكها نازحون بواسطة وثائق مزورة. لسوء حظهم، اكتشف وريث صاحب الأرض الذي كان وزيراً في حكومة الأردن أن الأرض بيعت، وتحولت إلى يد شركة "هيمنوتا" - الذراع الطويلة والملتوية لصندوق هاكيرن هاكييمت لإسرائيل [Jewish National Fund] في الأراضي المحتلة. الضابطان أُحيلا على المحاكمة وخرجا منها بصفقة رخيصة مع الادعاء. من أجل منع "حوادث" مشابهة، أعدت الإدارة المدنية قائمة سوداء لنحو 2000 فلسطيني أُعطيت أراضيهم في غور الأردن إلى مستوطنين (أو كتعويض للفلسطينيين الذين صودرت أراضيهم لصالح الجيران اليهود).
- خوفاً من مطالبة نازح بملكيته بحسب القانون الإسرائيلي، المطبّق في الأراضي، كانت طلبات النازحين لعبور نهر الأردن في إطار جمع شمل العائلات، أو من أجل زيارات قصيرة، تُرفض بحجة دائمة هي "اعتبارات أمنية". تطبيق القانون الإسرائيلي على غور الأردن هو الصفقة العقارية الأفضل منذ سن قانون أملاك الغائبين قبل 70 عاماً. من خلال قانون ضم واحد، حكومة الليكود - أزرق أبيض - العمل، ستحل مشكلة السلام، وأيضاً ستقوم بتبييض أكبر عملية نهب للأراضي منذ إقامة الدولة.