أزمة الكورونا توجد فرصة لتغيير الواقع في المنطقة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

  • إن تأثير الكورونا من دون شك هو أهم مصمّم جيوسياسي - عالمي منذ الحرب العالمية الثانية. وهو ينطوي، إلى جانب المخاطر التي ستتسبب بها الأزمة، على فرص مهمة سيقود الكشف عنها إلى جانب العمل بصورة صحيحة إلى تغيير طويل الأمد.
  • أيضاً حتى لو سبقت إسرائيل جيرانها في الخروج من الأزمة، فإنها لا تستطيع تحصين نفسها تماماً إزاء التداعيات الإقليمية لواقع الكورونا على جيرانها. الساحة الفلسطينية التي تعتمد اعتماداً وثيقاً على الاقتصاد الإسرائيلي، من المتوقع أن تزودنا بتحديات إنسانية - وأمنية – لا بأس بها.
  • لكن ما يجري في إيران والدول الخاضعة لتأثيرها - لبنان وسورية والعراق - بسبب الكورونا، يمكن أن يزودنا أيضاً بفرص. إيران، التي تواجه منذ وقت طويل عقوبات خانقة، وتدنياً في أسعار النفط، وناتجاً قومياً ضئيلاً، تعيش اليوم إحدى أعمق وأخطر الأزمات التي عرفتها منذ صعود آيات الله إلى السلطة. إلى جانب الفقر والنقص الخطير في المواد، هناك أيضاً ازدياد في الخطر الذي تتعرض له من جهة واشنطن. في الأسابيع الأخيرة، أرسلت الولايات المتحدة حاملتين للطائرات إلى المنطقة، وكل ذلك يشكل مؤشرات مقلقة بالنسبة إلى القيادة الإيرانية.
  • في لبنان، حزب الله غارق حتى عنقه في محاولة موضَعة نفسه في الساحة الداخلية - اللبنانية كـ"درع لبنان"، من خلال تخصيص موارد لتقديم مساعدة مدنية واجتماعية، في الأساس لمعاقله الشيعية. المقاربة التي قالت إنه بعد انتهاء مهمته في سورية في الدفاع عن النظام، سيكون أكثر تفرغاً للجبهة في مواجهة إسرائيل، تراجعت في هذه المرحلة لأيام مناسبة أكثر. تلويحاته إلى إسرائيل، مثل خرق السياج الحدودي في الأسبوع الماضي الذي اعتُبر رداً على هجوم إسرائيلي هي محاولة عقيمة، الغرض منها ربح الوقت، بينما هو غارق في معالجة مشكلات جمهوره المدنية في ظل ضغوطات مالية ازدادت تفاقماً.
  • في سورية المدمرة، لا يمكن مقارنة خطر الكورونا بالمصائب الأُخرى، وثمة شك في أن يضع النظام هناك الموضوع في رأس اهتماماته. المحافظة على بقاء المحاور الأرضية مفتوحة إلى العراق، ومنها إلى إيران، تشير إلى أن الحاجة إلى تعزيز المحور الشيعي وزيادة قوته، لا تزال لها الأولوية في جدول الأعمال. لكن من الصعب أن نصدق أن الشريك الروسي القلق من ازدياد الوباء في روسيا، سيواصل تخصيص موارد لتحصين المعسكر الشيعي. ومن المحتمل أن يقلص تدخّله.
  • على الرغم من هذا كله، يجب التشديد على أن المحور الشيعي لا يزال مصراً على تحقيق تطلعاته لتوسيع تمدده في المنطقة. إيران مستعدة لأن تستثمر من مواردها القليلة لتعميق وجود الميليشيات الشيعية في العراق وسورية، والدفع قدماً بإصرار بمشروع تزويد حلفائها بالصواريخ الدقيقة والعتاد العسكري إلى حلفائها، وقبل كل شيء، لن تتخلى عن الورقة النووية التي تشكل بالنسبة إليها بوليصة ضمان استراتيجية حيوية.
  • على افتراض أن الضغط الاقتصادي في الأشهر المقبلة على إيران ووكلائها سيستمر ويزداد، والضغط الأميركي لن يتضاءل، وستتسع الاحتجاجات الشعبية في الساحة الداخلية، وسيضطر النظام إلى تخصيص موارده لمعالجتها، ستكون أمام إسرائيل والولايات المتحدة فرصة كي تبلور من جديد الخطوط الحمراء التي تآكلت في السنوات الأخيرة، في مقابل ازدياد القوة الإيرانية الإقليمية. في هذا الإطار يجب أن تتضمن الحملة ثلاثة مكونات عمل أساسية:
  • أولاً، زيادة الضغوطات الاقتصادية. على الرغم من تداعياتها الإنسانية، فإنها قادرة على زيادة الضغط المدني الداخلي على النظام لتغيير سلم الأولويات الوطنية من النووي إلى بنى تحتية وطنية، ومن تمويل الميليشيات الإقليمية ووسائل القتال إلى إيجاد فرص عمل وغذاء.
  • ثانياً، يجب استغلال الضعف وسط القوات الشيعية في سورية من أجل تحريك مركّز وصارم لخطوات عسكرية لتدمير منظومات القوة العسكرية الدقيقة في سورية ولبنان، من خلال إبعاد القوات الشيعية عن سورية ولبنان. كل ذلك من خلال عمليات حكيمة، بعيدة عن الأضواء (من دون تحمّل المسؤولية) لمنع التصعيد.
  • ثالثاً، يجب استخدام منظومة دعاية ونزع للشرعية، هدفها زيادة الضغط الداخلي على النظام في إيران وسورية والعراق ولبنان. وتهدف إلى تجسيد الحاجة إلى تغيير عميق في سلم الأولويات القومية - نحو الاقتصاد والصحة والأمن الاجتماعي، بدلاً من الحرب ضد إسرائيل والولايات المتحدة.
  • في الخلاصة، الكورونا والضعف الموقت الذي اعترى المعسكر الشيعي يسمحان للتحالف الإسرائيلي - الأميركي بإعادة تشكيل الحيز الجيو - سياسي في الشرق الأوسط.
  •