الضم لدى ترامب هو مثل الهيدروكسي كلوروكوين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • في ظهور مصوَّر أمام إنجيليين أوروبيين في الأسبوع الماضي، تعهد بنيامين نتنياهو بضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية مع غور الأردن. وذكّر نتنياهو بوعد دونالد ترامب بالاعتراف بالضم، وأشار إلى أنه مقتنع بأن الرئيس "سيفي بوعده".
  • محللون أميركيون رأوا في هذا الكلام ومنتدى التعبير عنه نوعاً من تهديد مبطن للرئيس: إذا لم تفِ بوعدك، فالإنجيليون يمكن أن يتراجعوا عن تأييدهم لك. ليس المقصود مجرد تهديد: من أجل إعادة انتخابه، ترامب بحاجة ماسة إلى ملايين من أصوات المسيحيين المؤمنين الذين نتنياهو والمستوطنون هم بهجة لقلوبهم. إذا استمر تراجعه في استطلاعات الرأي حتى تموز/يوليو، موعد الضم الموعود، سيحتاج ترامب إلى الإنجيليين كالحاجة إلى جهاز تنفس اصطناعي.
  • لكن أيضاً من دون التهديد الخفي، من المعقول الافتراض أن نتنياهو على حق، وأن ترامب سيعطي حكومة إسرائيل، بغض النظر عن هويتهاـ ضوءاً أخضر للضم. ليس لأنه معني بتحقيق الصهيونية بحسب كلام نتنياهو، بل لأنه رئيس متهور وعديم المسؤولية، لا تعني له شيئاً حصانة إسرائيل. رئيس قادر على أن يقترح على مواطنيه شرب سائل مطهّر للتخلص من فيروس الكورونا.
  • الرأي العام الإسرائيلي نجح حتى الآن، ببهلوانية عقلية مثيرة للإعجاب، في إقناع نفسه بعدم وجود علاقة بين الأمور. كأنما هناك ترامب جاهل ومتغطرس، بتفاهاته تسبب بكارثة لأميركا، وربما أيضاً بموت الآلاف. وترامب آخر - شجاع وعاقل، معجب بإسرائيل ويحقق رغباتها كما تريد.
  • هناك احتمال آخر أكثر واقعية، هو أنه يوجد ترامب واحد، وثمة خط مستقيم يربط بين خطواته الفاشلة، المستغربة والمؤذية في معالجة أزمة الكورونا - وأي مسألة أُخرى تقريباً - وبين لفتاته الكريمة إزاء إسرائيل. ومثل استخفافه بالوباء، وتجاهُله خطوات الوقاية، وتوصياته الخرقاء باستخدام أدوية، أيضاً هداياه لإسرائيل متهورة، مؤذية وسامة وتعرّض الحياة للخطر.
  • بماذا تحديداً استفادت إسرائيل من خطوات الرئيس حتى الآن؟ ما الفائدة من انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان وخطة القرن - باستثناء خطب نتنياهو البليغة، ورفض الفلسطينيين والقضاء على فرص عملية سياسية؟ هل أصبحت إسرائيل أقوى وأكثر رسوخاً وحصانة؟ هل إيران المعزولة والخائفة التي ترزح تحت عبء العقوبات وكارثة الكورونا، أصبح لديها حافز أقل لإنتاج سلاح نووي بعد قرار ترامب التخلي عن الاتفاق النووي، أم أنه أصبح أكبر؟
  • لكن أيضاً إذا قيل إن المقصود خطوات ذات أهمية رمزية عميقة بالنسبة إلى أمة مدمنة على الرمزية - ما الفائدة التي جنتها الولايات المتحدة؟ ترامب شل عملية السلام، وقضى على مكانة الولايات المتحدة كوسيط نزيه، وزعزع علاقاته المتوترة أصلاً مع أوروبا. كل ذلك لقاء لا شيء، باستثناء مديح نتنياهو وإعجاب المسيحيين الميسانيين. ليس هكذا تتصرف قوة عظمى عاقلة، وليست هذه الطريقة التي تدار فيها سياسة خارجية عقلانية.
  • بالنسبة إلى صحة إسرائيل وحصانتها ووحدتها وأمنها، فإن لفتات ترامب الكريمة وعلى رأسها الضم، هي مثل المزيج من صيدليته: مطهّر مع أشعة ما فوق بنفسجية وكميات كبيرة من الهيدروكسي كلوروكوين [دواء مثير للجدل لمعالجة الملاريا استُخدم مؤخراً في علاج مرضى الكورونا] وأشباهه. الغالبية في العالم تعرف أنها أدوية كاذبة ومضرة، وأي شخص عاقل لن يقترب منها، لكن إسرائيل في ظل حكم نتنياهو، مثل المتدينين في قاعدة الحزب الجمهوري، تتوق إلى الشرب من هذه الكأس السامة حتى الثمالة، وتواصل الإعجاب بترامب إلى أن يتسلل السم إلى دمائها ويفاقم مرضها.