توقفوا عن الحديث عن حكومة وحدة وطنية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- آخر ما تحتاج إليه إسرائيل اليوم هو حكومة وحدة وطنية. بعد أن سمحت الحكومة للشاباك، من خلال الالتفاف على الكنيست، بمعرفة مكان وجود كل واحد منا، وكيف يقضي ساعات عزلته عن سائر الناس؛ وبعد أن جمد وزير العدل بجرة قلم جهاز القضاء، وعندما يعد وزير المالية بمبالغ طائلة من المال لتشجيع الاقتصاد من دون أن يشرح من أين سيأتي بالمال، ما الذي بقي لحكومة وحدة وطنية كي تفعله، باستثناء القضاء على أي انتقاد أو رقابة أو رأي آخر؟ من الواضح أن كل هذه القرارات الصعبة اتخذتها حكومة انتقالية، في الأوقات العادية ليس لديها صلاحيات قانونية لتحديد نمط حياة الناس بهذه الطريقة المتوغّلة واللاذعة.
- على الرغم من ذلك، الجمهور منضبط ومطيع. ليس لأنه يعتقد أن هذه الزعامة التي يمقتها نصف الشعب على الأقل، تعرف فجأة ماذا تفعل، وليس لأنه قرر أن يمنحها شرعية، لأن الانتخابات أظهرت أنه لا يثق بالحكومة المنتهية ولايتها. بل لأن الجمهور يدرك بإحساسه السليم (حتى الآن) ما الذي يجب فعله، من دون أن يقف في كل مساء متهم تأجلت محاكمته ويشرح له كيف يستخدم التعقيم أو يهدده بكارثة عظيمة. زعيماه اليوم هما البروفسور إيتمار غروتو، وموشيه بن سيمان طوف، [مسؤولان في وزارة الصحة]، ومراسلو الصحة.
- ليس هناك أمر أرادت الحكومة الانتقالية غير المنتخبة القيام به ولم تنجح فقط لعدم وجود حكومة وحدة وطنية. هناك إجماع وطني على ضرورة محاربة فيروس الكورونا، والمحافظة على مسافة آمنة، مترين بين الناس. ليس لأن نتنياهو طلب منا أن نفعل ذلك، بل بسبب غريزة الخوف والبقاء. فقط حكومة وحدة وطنية تمنح طابع "إجماع وطني" للجنون المالي والاستخباراتي. عن هذا اللقاح لدينا ما يكفي وزيادة. الكارثة في حكومة وحدة سياسية، حصلت من الآن على لقب "حكومة طوارىء"، أنها ستسرق منا الفرصة لطرد الفيروس الإجرامي الذي يسيطر هنا من دون قيود.
- صحيح أن حكومة أقلية برئاسة غانتس لن تحمل في جعبتها حلاً لفيروس الكورونا. ولن تسرّع وتيرة الفحوصات في المختبرات التي تنهار، ولن تقلص المسافة الآمنة. ومن المحتمل أيضاً التقدير بأنها لن تلغي التعقب المخيف للمواطنين. لكنها ستحررنا من الإحساس الصعب بأن قرارات الحكومة الانتقالية كلها - أيضاً لو كانت صحيحة ومفيدة ومفهومة - لا تهدف حقاً إلى الانتصار في النضال ضد الكورونا، بل كي تديم حكم نتنياهو وتمنع محاكمته.
- في الواقع، في الوقت الذي لم يبق لدى المواطنين أي وسيلة للرقابة وللتأكد من أن كل قرارات نتنياهو تعتمد على معلومات موثوق بها، وعندما تكون حياتهم وصحتهم تعتمد في الأساس على علاقاتهم بغيرهم من المواطنين - هناك دور حاسم للثقة بمتخذي القرارات، وهي الآن غير موجودة. لكن الأهم من ذلك، هو الاعتراف بأن حكومة وحدة برئاسة نتنياهو ستحكم على حزب أزرق أبيض بالانهيار السياسي، وعملياً ونظرياً، سيكف عن أن يشكل بديلاً.
- يؤكدون لنا أن الكورونا سيختفي ذات يوم. ربما حر الصيف سيقضي عليه، وربما سيجدون له لقاحاً شافياً. حينئذ ستُطرح مسألة الديمقراطية وأسلوب نظام الحكم في إسرائيل. هل يمكن أن نصدق أن نتنياهو سيعيد العجلة إلى الوراء، ويفعّل من جديد جهاز القضاء، ويوقف وسائل التعقب، ويتخلص من المعلومات التي جمعها عن المواطنين - التي لا تقدّر قيمتها بثمن - ويتخلى عن التحريض والتفرقة؟ من الطبيعي أن يواصل كونه المتهم الذي يناضل من أجل حريته. هل يمكن حينها إيجاد الزعيم البديل؟ وهل سينتظر، بهدوء، دوره في المداورة؟ وهل مَن كان مستعداً لإعطاء نتنياهو بطاقة أهلية، يستطيع أن يطلب مجدداً ثقة الجمهور للتخلص من شريكه؟