التوتر بين الولايات المتحدة وإيران: هكذا تبدو حرب باردة في مناطق ساخنة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • في الأسابيع الأخيرة، وفي ظل جولة التصعيد بين التنظيمات الإرهابية الغزّية وإسرائيل، تجري تطورات مهمة في الساحة الدولية تتعلق بإيران والولايات المتحدة ودول الخليج وأوروبا. لقد نشأ عملياً وضع حرب باردة بين إيران والولايات المتحدة في مناطق ساخنة، الخليج الفارسي والعراق. على هذه الخلفية، وصل وزير الخارجية الأميركي بومبيو في زيارة مفاجئة إلى العراق، حيث التقى رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي ومسؤولين كباراً آخرين. وكُشف هذا الأسبوع أن الزيارة جاءت بعد نقل إسرائيل معلومات استخباراتية إلى الأميركيين مفادها أن الإيرانيين نصبوا صواريخ بالستية في منطقة البصرة.
  • بعد الزيارات المتبادلة بين مسؤولين عراقيين وإيرانيين التي جرت في الأسابيع الأخيرة، عبّر بومبيو عن قلقه من تصاعد نفوذ إيران في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى نية الأميركيين الدفع قدماً بصفقة كبيرة للطاقة مع العراق كي يوقف اعتماده على إيران. في المقابل، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن طهران قررت وقف تطبيق جزء من تعهداتها في الاتفاق النووي بينها وبين الدول العظمى، العائد إلى سنة 2015، وأنذر الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق. وأعلن أن إيران ستزيد من نسبة تخصيب اليورانيوم في الدولة، ولن تبيع فوائض اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة التي لديها، وحدد مدة 60 يوماً للدول الأوروبية لتحقيق وعودها، وإنشاء آلية تلتف على العقوبات الأميركية.
  • معنى ذلك أن طهران ستبدأ، في غضون أسابيع، بتجميع اليورانيوم المخصب بما يتعدى الـ300 كيلوغرام، وهي الكمية التي سمح بها الاتفاق، ومن الممكن أن تستأنف نشاط المفاعل النووي في أراك، وتخصيب اليورانيوم إلى درجة أعلى من 3.5 في مرحلة أولى، وإلى 20%. رداً على ذلك، أعلنت الدول الأوروبية أن الانسحاب الإيراني من الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى تجديد العقوبات على إيران، كما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرض عقوبات إضافية أشد في المدى القصير على قطاع المعادن في إيران. أخيراً، وعلى الرغم من التحذيرات الأميركية، تحدثت التقارير عن وقوع عملية مجهولة- منسوبة، طبعاً، إلى طهران- أدت إلى تضرر أربع سفن تجارية، اثنتان منها ذات ملكية سعودية بمحاذاة المرفأ الموجود بالقرب من مضيق هرمز، وهاجمت قوات الحوثيين بطائرة من دون طيار أنبوباً للنفط في عمق السعودية.

اتجاهات المواجهة

  • الأسابيع المقبلة ستكون بمثابة اختبار مهم لتوجّه المواجهة الحالية. يبدو أن طهران قررت عدم انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية في سنة 2020، وذلك في ضوء الضائقة الاقتصادية التي تعانيها، وفي ضوء تحسُّن وضع دونالد ترامب في استطلاعات الرأي العام، وهي تحاول إيجاد تغيير فوري في الوضع، في الأساس من خلال استخدام الضغط على الدول الأوروبية، ومحاولة إيجاد خطوات تلتف على العقوبات مع الأوروبيين، ومن خلال سياسة إيرانية كلاسيكية لـ"فرّق تسُد" بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
  • السيناريوهات المطروحة أمام إيران في المجال النووي تتأرجح بين العودة إلى طاولة المفاوضات (الأمر الذي حتى الآن يدّعي زعيم إيران بقوة أنه غير ممكن)، وتجديد بطيء وتدريجي للنشاط في المجال النووي، وصولاً إلى القفز إلى الأمام بقوة وإيجاد حقائق على الأرض. في المقابل، على الصعيد الدبلوماسي السياسي - مواصلة التهديدات، والتحركات الدولية مع روسيا والصين وأوروبا وزيادة الاحتكاك السري والعلني سواء في الخليج الفارسي، أو في مواجهة دول الخليج ومصالحها في المنطقة.
  • من الزاوية الإسرائيلية، حتى الآن لسنا في مركز الاحتكاك - وهذا جيد. مع ذلك يجب الافتراض أن إحدى المناطق المحتملة للاحتكاك مع إيران هي قُبالة إسرائيل: إمّا بواسطة حزب الله - في الأساس في منطقة هضبة الجولان التي أسس فيها الحزب وإيران بنية تحتية إرهابية تضم ميليشيات شيعية في الجولان - وإمّا بعمليات مباشرة في مواجهة إسرائيل، في الأساس رداً على عمليات هجومية إسرائيلية في سورية. من هنا، فإن معقولية رد إيراني مختلف وأقوى على هجوم في سورية منسوب إلى إسرائيل، يشمل رداً مباشراً كمحاولة اعتراض طائرات أو إطلاق صواريخ من هضبة الجولان السورية - هي معقولية مرتفعة بصورة كبيرة. لذا يجب الاستعداد فوراً لعدد من السيناريوهات، بينها احتمال اندلاع نزاع في الخليج يؤثر في الوضع في منطقتنا، سواء على الحدود الشمالية أو مع غزة.
  • في المقابل، تزداد حاجة الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل وفي العالم إلى تركيز جهد متواصل وأبحاث لكشف النشاطات الإيرانية في المجال النووي، للكشف من جديد عن النشاط الإيراني في هذا المجال، والاتجاه الذي يسير نحوه المشروع النووي، وتحسين القدرة العسكرية للقيام بعملية ضد المصالح الإيرانية في المنطقة وخارجها.
  • ننهي بما بدأنا به - الجولة الأخيرة في غزة: مَن يعلم، ربما أحد اعتبارات قرار رئيس الحكومة عدم تصعيد الوضع في مقابل قطاع غزة في الجولة الأخيرة ناجم عن معلومات لديه بشأن التطورات بين الولايات المتحدة وإيران، وعدم رغبته في تحويل الانتباه الدولي عن القضية الإيرانية في الفترة الحالية.