إسرائيل قادرة على احتواء أساس الخطة الأميركية للسلام
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • خطة السلام الأميركية على وشك أن تُنشر في وقت قريب. وكلما اقترب الموعد، كلما ازدادت التخمينات، والإشاعات، والفرضيات، وأيضاً عدد غير قليل من المعلومات المغلوطة من جميع الأطراف. مع ذلك هناك فرضيات وفرضيات موثوق بها أكثر، تستند إلى تجربة ومعرفة بالمواقف المتعددة الصادرة عن واشنطن.
  • يمكن أن نستنتج مثلاً من الكلام الذي قاله جاريد كوشنير، الصائغ الرئيسي لصفقة القرن، في مناسبة خاصة لمجلة "تايمز": "الخطة ستشدد على مزايا اقتصادية للفلسطينيين وعلى الأمن لإسرائيل"، لأن الأمن في كل الأراضي الإسرائيلية سيبقى في يد إسرائيل، بغض النظر عن شكل التسوية السياسية، وعندما يقال هذا الكلام في سياق مباشر مع خطة محددة، فإن له دلالات ملموسة.
  • الجزء الثاني من المعادلة، أي "مزايا اقتصادية للفلسطينيين"، يُذكّر بكلام سابق، بينه كلام بنيامين نتنياهو عن سلام اقتصادي. لكن كلاماً آخر قاله كوشنير في المنتدى المذكور "المفاوضات بشأن حل الدولتين فشلت" يمكن أن يفسَّر بطريقتين مختلفتين ومتضادتين: حل الدولتين لم يعد مطروحاً على الطاولة؛ أو على العكس، حقيقة أن الطريقة التي حاولت الولايات المتحدة في الماضي من خلالها الدفع قدماً بالحل وفشلت لا تمنع إمكانية العمل بطرق أُخرى من أجل تحقيق هذا الحل.
  • بكلمات أُخرى، فإن كلام كوشنير ومسؤولين أميركيين كبار آخرين لا يلمّح بالضرورة إلى أنهم يؤيدون فكرة أرض إسرائيل الكاملة أو دولة لكل مواطنيها. من المعقول أكثر أن المقصود هو كيان فلسطيني مستقل ذو خصائص معينة ومحدود السيادة.
  • موضوعات أُخرى يمكن أن تتضمنها الخطة هي ضم كتل المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة بحيث تصبح جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ومنح مكانة قانونية وراء إقليمية (extraterritorial) للمستوطنات الإسرائيلية المعزولة في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. هناك أيضاً مؤشرات تدل على أن الخطة ستتطرق إلى موضوع غزة، لكن نظراً إلى أن الفكرة الأساسية، أي توسيع القطاع إلى شمال سيناء اصطدم كما كان متوقعاً بمعارضة مطلقة من مصر، يبدو أن المقصود حالياً خلق وضع يسمح للغزيين بأن ينشطوا اقتصادياً في منطقة محددة من شبة الجزيرة.
  • طبعاً، ستتطرق الخطة الأميركية أيضاً إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن سكنهم، وحل مسألة العاصمة الفلسطينية في منطقة القدس الموسعة والعلاقات الاقتصادية. وسيكون هناك شرط مسبق هو اعتراف الفلسطينيين (والعالم العربي) بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي.
  • من المفهوم أن هذه ليست النقاط الخلافية كلها، لكن أيضاً حتى لو وُجدت حلول لها، فإن فرص موافقة الفلسطينيين على مناقشة خطة ترامب لا تتعدى الصفر، مثلما لم يكونوا مستعدين قط للبحث في أي صيغة تعترف بالحق الأساسي لليهود في حياة مستقلة ولو في جزء من البلد وهم طبعاً لن يوافقوا على الصيغ المتعلقة بموضوعي اللاجئين والقدس. مع ذلك، فإن الميزات المحتملة لصفقة القرن ناجمة عن كونها قد تحظى على الأقل بدعم جزء من العالم العربي وأنها ستخلق عالماً جديداً من المفاهيم بشأن التسوية المستقبلية بدلاً من الصيغ الجوفاء الماضية.
  • إذا كانت هذه فعلاً الخطوط الأساسية العامة للخطة، فإن رد إسرائيل، باستثناء تحفظات مفهومة في موضوعات محددة، يمكن أن يكون إيجابياً على المستوى المبدئي كأساس للمفاوضات - من دون الدخول في التفاصيل. نوصي الشركاء الصغار في الائتلاف الحكومي الذي سيُشكَّل ألّا تختلط عليهم الأمور وألّا يعتقدوا أنهم قادرون على أن يملوا على الحكومة خطوط عملها وفق برنامجهم المتطرف - حينها سيجدون أنفسهم خارج الحكومة.
  • هل خطة ترامب هي فصل جديد في القصة الطويلة للنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، أم ستقلب الصفحة؟ سنرى ذلك في المستقبل. ما ينقص صفقة القرن، مثل كل الأفكار التي طُرحت طوال سنوات من جانب عناصر خارجية متعددة - الأميركيون، الأوروبيون، والأمم المتحدة - هو أنه من دون استعداد أساسي للطرفين لا توفّر فرصة للتقدم، وذلك على الرغم من التجديدات والمبادرات التي تتضمنها.

إن دور الولايات المتحدة في إنضاج الصيغة الأخيرة وإيجاد الظروف المساعدة التي تدفع قدماً بكل خطة هو فعلاً حيوي، لكن كما ثبت في الماضي، لولا مبادرات مستقلة لإسرائيل ومصر، على سبيل المثال لما جرى التوصل إلى اتفاق سلام بينهما. ومن دون أفكار دايان وبيغن بشأن الحكم الذاتي، لما جرت الموافقة عليه في كامب ديفيد كإطار ممكن لحل مع الفلسطينيين، وقد فشل بسبب رفض الفلسطينيين المعتاد وأيضاً بسبب أخطاء ارتكبها الجانب الإسرائيلي.