التصعيد موجود منذ الآن: بعد الهجوم، من المتوقع فترة عاصفة في الساحة الفلسطينية حتى الانتخابات
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في ذروة عاصفة اختراق الهاتف الخليوي لبني غانتس، تلقينا هذا الصباح (الأحد) رسالة قصيرة ومؤلمة للحياة نفسها. الهجوم الخطِير في منطقة أريئيل الذي أودى بحياة جندي من الجيش الإسرائيلي، يدل على أن الساحة الفلسطينية تغلي وستظل تغلي على الأقل خلال الأسابيع الثلاثة المتبقية لموعد الانتخابات.
- السؤال المطروح ليس إذا كانت المرحلة الأخيرة للانتخابات ستجري في ظل تصعيد أمني. التصعيد موجود منذ الآن؛ فقط أبعاده النهائية وتأثيرها السياسي غير واضحين.
- المسؤولون عن الدعاية في الليكود سيواصلون، على ما يبدو، الحديث عن العقد الأمني الأكثر هدوءاً في تاريخ الدولة. فعلياً، أولاً- هذا أمر نسبي؛ ثانياً- الهدوء النسبي تبدد عملياً قبل بضعة أشهر؛ ثالثاً- ليس من الأكيد أن لدى الخصوم من حزب أزرق أبيض بالضرورة حلولاً أفضل، على الرغم من ثلاثة رؤساء أركان سابقين في قيادة القائمة. في هذه الأثناء، أول من سارع إلى الرد قبل أن يتضح وضع المصابين، كانت الوزيرة ميري ريغيف، التي وجدت كعادتها المتهم المباشر بالهجوم - عضو الكنيست أحمد الطيبي وأيضاً شركاؤه الطبيعيون في رأيها، زعماء أزرق أبيض.
- حزب اليمين الجديد أيضاً نشر بسرعة رداً تلقائياً يتناسب مع رسائله الأيديولوجية. بينيت وشاكيد اتهما كعادتهما محكمة العدل العليا والنيابة العامة بتقييد يدي الجنود، على الرغم من عدم وجود ما يدل على تردد أظهره الجنود، والتقدير المنطقي أن الهجوم نجح بسبب استغلال نقطة ضعف عملانية، مثل مدى يقظة قوة الحماية.
- كما كُتب هنا مؤخراً، في المناطق وفي القدس يغلي في هذه الأيام خليط قابل للانفجار يمكن أن يؤدي إلى عاصفة كاملة. في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] طلبت محكمة العدل العليا من الشرطة إغلاق مبنى باب الرحمة الذي فتحته دائرة الأوقاف من دون إذن. في الضفة الغربية يبرز منذ عدة أسابيع ارتفاع في محاولات الهجمات. التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية يمكن أن يتآكل، كما حذرت أجهزة الاستخبارات، بسبب الأزمة الاقتصادية بين السلطة وإسرائيل (بشأن تقديم المساعدة الفلسطينية للأسرى)، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ محمود عباس قراراً بحسم نصف رواتب موظفي القطاع العام في الضفة.
- لكن القنبلة الأقوى هي تلك التي تتكتك في قطاع غزة. لم يفلح المال القطري بصورة كافية في التخفيف من الوضع الاقتصادي هناك، والذي فعلياً يزداد تفاقماً بسبب أزمة السيولة لدى "حماس" التي تحصل على مساعدات أقل من الخارج. ومن المحتمل أن هذا يساهم بصورة معينة في زيادة التوتر الداخلي في القطاع بين من يحصلون على الفتات من قطر ومن لا يحصلون حتى عليها.
- تظاهرات الاحتجاج ضد سلطة "حماس" التي بدأت في الأسبوع الماضي تضغط على قيادة الحركة ويبدو أنها اكتسبت بعض الزخم. في مثل هذه الظروف لا يمكن استبعاد "هروب" صواريخ أُخرى، سواء عن طريق الخطأ أو عن قصد، بعد إطلاق النار على غوش عتسيون في يوم الخميس الأخير. يحاول الوفد المصري الذي سيزور غزة اليوم أيضاً إطفاء هذه النار بواسطة التعهد بتقديم مجموعة بادرات حسن نية تأمل القاهرة والقدس بأن تؤدي إلى تهدئة القطاع حتى موعد الانتخابات في إسرائيل في 9 نيسان/أبريل.
- يذكّرنا الهجوم الذي وقع هذا الصباح على تقاطع أريئيل بخصائص الهجوم الخطِير الذي وقع في المنطقة الصناعية القريبة في بركان، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. يومها قتل عامل فلسطيني مدنيين إسرائيليين بإطلاق النار من بندقية يدوية الصنع من طراز كارلو. لم ينجح القاتل في الهروب فحسب، بل نجح أيضاً في التملص من الحصار الذي فرضه الشاباك والجيش الإسرائيلي طوال شهرين. في فحص لاحق اتضح أنه على الرغم من كونه تصرّف وحده ولم يكن جزءاً من هرمية تنظيمية، فقد استعان لاحقاً بأبناء عائلته وأصدقائه للاختفاء. المخرب في هذا الصباح مثل الذي سبقه، خرج ليقتل. واستخدم السلاح الذي سرقه من رجل بعد أن طعنه.
- تحرّض "حماس" بصورة خاصة، وأيضاً وسائل الإعلام التي تتماهى مع فصائل فلسطينية أُخرى دائماً على أعمال إرهابية في الفترة الأخيرة، أيضاً على خلفية الأزمات في جبل الهيكل وفي غزة. وعلى الرغم من أن "حماس" تتردد في الدخول في اشتباك في غزة خوفاً من رد إسرائيلي قاس (فهي هذه المرة لن تحصل على مساعدة مادية مباشرة لإعادة الإعمار بمليارات الدولارات كما جرى بعد عملية الجرف الصامد في 2014) فإنها لا تتردد أبداً فيما يتعلق بالضفة الغربية. بالنسبة إلى "حماس" تصعيد أمني في الضفة يلحق مزيداً من الضرر بالتنسيق بين إسرائيل وأجهزة الاستخبارات لدى السلطة، سيكون تطوراً جيداً في نظرها.
أيضاً حتى لو كان من نفّذ هجوم هذا الصباح قد عمل بصورة منفردة، فإن هذا العمل جرى على أرضية خصبة من التحريض. القلق الذي تشعر به المؤسسة الأمنية هو أن يؤدي التضافر بين أزمات موضوعية واحتمالات من وحي نجاح المخرب هذا الصباح، إلى بداية موجة من عمليات تقليد.