من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- قانون"حسم أموال الإرهاب" الذي ينوي نتنياهو استخدامه منذ بداية الأسبوع المقبل، يستند ظاهرياً إلى مبررات أخلاقية ومنطق بارد. وبحسب هذه المبررات لا تستطيع إسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تكون شريكة في التعويضات التي تحولها السلطة الفلسطينية إلى الإرهابيين الذين يعملون ضدها. والافتراض الذي ينطوي عليه القانون هو أنه ما دام هناك سكان فلسطينيون مستعدون للانتحار أو للقيام بهجوم يؤدي إلى اعتقالهم، فقط من أجل تأمين رزق عائلاتهم، من الضروري تحييد هذا الدافع الاقتصادي.
- هذا المنطق جارف إلى حد أنه نجح في الجمع بين اليسار واليمين، على الرغم من وجود خطأين جوهريين فيه. الخطأ الأول هو أن إسرائيل تنوي حسم أموال من العائدات ليست لها؛ والثاني هو، أنها هي نفسها تسمح بتحويل ملايين الدولارات إلى تنظيم تعتبره "تنظيماً إرهابياً". إذا كان هناك ما يصدم في أن السلطة تحول أكثر من مليار و100 مليون شيكل، نحو 7% من الميزانية، إلى عائلات المخربين والانتحاريين والأسرى في السجون الإسرائيلية، فإن هذا مقابل حقيقة أن إسرائيل مستعدة للاستمرار في التعاون على الصعيد العسكري والمدني مع سلطة تشجّع المخربين.
- حسم العائدات وحده لن يمنع السلطة من مواصلة الدفع لعائلات المخربين إذا قررت ذلك. والذي سيتضرر هو جهاز التعليم والصحة وميزانيات التطوير في السلطة التي ستُقلَّص من أجل تمويل "دفعات الإرهاب". وإذا نفّذ محمود عباس، بالإضافة إلى ذلك، تهديده بعدم قبوله أية أموال إذا جرى حسم أموال من العائدات، من الممكن أن تواجه الضفة أزمة اقتصادية خطِرة، لا تختلف نتائجها عن تلك التي نراها في غزة.
- لا مصلحة لإسرائيل في التسبب بمثل هذا التدهور، فالنتيجة يمكن أن تكون اشتعال الضفة والقدس الشرقية، ووقف التعاون المدني والعسكري مع الفلسطينيين. لكن إذا كانت إسرائيل تعتقد أن وقف العائدات مفيد ضد الإرهاب، يتعين عليها أن تفرض عقوبات مباشرة وجارفة على مصادر دخل السلطة الفلسطينية، أي باختصار، فرض حصار على الضفة كحصار غزة. مثل هذه الخطوات البعيدة المدى، إسرائيل ليست مستعدة لاتخاذها (حتى الآن). لقد علمتها غزة دروس الحصار المخيبة للأمل في كل المجالات. من هنا لا يشكل حسم أموال تعود إلى السلطة أكثر من عملية استعراضية هدفها تهدئة أنصار اليمين المتطرف، وعرض عضلات أجوف يتلطى تحت بند محاربة الإرهاب.
- ما بقي من منطق حسم أموال من العائدات ينهار إزاء سماح إسرائيل لقطر بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى حكم "حماس" في غزة. هذه الخطوة اليائسة هدفت إلى الالتفاف على رفض أبو مازن دفع رواتب موظفي "حماس"، وإلى تهدئة القطاع ولجم التظاهرات المستمرة بالقرب من السياج الحدودي. ما يجري الحديث عنه هو دفع أموال مباشرة إلى حركة إرهابية، تسمح به إسرائيل وتشجعه كي تشتري الهدوء. لكن، من أجل ذلك تستطيع إسرائيل حسم أموال من العائدات للسلطة، وهددت بأن تفعل ذلك، لكنها فضّلت أموال قطر، الدولة التي تعتبرها إسرائيل مؤيدة للإرهاب. في كل الأحوال ليس هناك أي فارق بين الأموال التي تدفعها السلطة لعائلات المخربين في الضفة، وبين التمويل الذي تحصل عليه "حماس" من قطر، والذي يمول أيضاً عملياتها العسكرية والمبالغ التي تدفعها لعائلات أسراها وجرحاها.
يتعين على إسرائيل الاعتراف بأن ليس لديها استراتيجيا للحرب الاقتصادية على الإرهاب. وهي تسوّق براءات اختراع، مثل حسم أموال مستحقة للسلطة وتحويل أموال إلى "حماس" كأحد الحلول لمشكلات أساسية. هي تحاول أن تتجاهل حقيقة أن دفع الرواتب للمخربين وعائلات الأسرى ليس هو الحافز الأساسي في النضال القومي الذي بدأ قبل وقت طويل من دفع السلطة الفلسطينية راتباً في مقابل الهجمات، وسيستمر وقتاً طويلاً، بعد أن يظهر أن الحسم الذي ينوي نتنياهو تنفيذه ليس مجدياً.