قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، الجنرال غادي أيزنكوت، إن الهدف الرئيسي للجيش في السنوات الأخيرة كان إحباط جهود إيران الرامية إلى إنشاء وجود عسكري دائم لها في سورية.
وجاءت أقوال أيزنكوت هذه في سياق خطاب مطوّل ألقاه في المركز المتعدد المجالات في هيرتسليا [وسط إسرائيل] خلال يوم دراسي عُقد أمس (الأحد) لإحياء ذكرى رئيس هيئة الأركان العامة السابق أمنون ليبكين- شاحك الذي توفي في سنة 2012، ورفض فيه أيضاً الانتقادات الأخيرة التي وُجهت إلى الجيش على خلفية عدم قيامه بتقديم الردّ العسكري اللازم على الهجمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية وعلى إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
واعترف أيزنكوت الذي من المقرر أن ينهي فترة رئاسته لهيئة الأركان العامة يوم 15 كانون الثاني/ يناير المقبل، بأن القوات الإسرائيلية فشلت في إعطاء المستوطنين الإسرائيليين، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون بالقرب من غزة، الشعور بالأمن، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أن سبب هذا يرجع جزئياً إلى حقيقة أن السكان غير مدركين أغلبية نشاطات الجيش.
وأكد أيزنكوت أن التهديدات الموجهة ضد إسرائيل أشبه بجبل جليدي، وقال إن الهجمات في الضفة والصواريخ من غزة هي التهديدات الأصغر، بينما ما لا يُرى ويأخذ كثيراً من جهود الجيش هو التهديد المتعدد الأبعاد لإيران. وشدّد على أن إسرائيل لديها ردع كبير تجاه محيطها، ولديها أيضاً تفوق استخباراتي وجوي وبحري وسيبراني.
وادّعى أيزنكوت أن إسرائيل قامت بدور رئيسي في الحرب ضد تنظيم "داعش"، وقال إن الإسهام الإسرائيلي في هزيمة "داعش" أكبر بكثير مما تراه العين ووسائل الإعلام.
وتطرق رئيس هيئة الأركان العامة إلى قرار البيت الأبيض الأخير القاضي بسحب القوات الأميركية من سورية، فقال إنه قرار مهم لكنه شدّد على وجوب عدم المبالغة بشأن خطورته. وأشار إلى أن إسرائيل تتعامل بمفردها مع هذه الجبهة منذ عدة عقود من الزمان، بما في ذلك خلال فترة الوجود الأميركي والروسي.
وقال أيزنكوت إن الشغل الشاغل الرئيسي للجيش الإسرائيلي على مدى السنوات الأربع الفائتة هو إيران وبالتحديد جهودها للتموضع عسكرياً في سورية، حيث كانت تساعد الرئيس السوري بشار الأسد منذ بداية الحرب الأهلية في سنة 2011.
وأشار إلى أن إسرائيل أحبطت الجهود الإيرانية الرامية إلى إقامة وجود عسكري دائم على طول منطقة الحدود مع هضبة الجولان. وقال إن هذه الجهود كانت ترمي إلى تنفيذ خطة لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني تهدف إلى إقامة جبهة ثانية يمكن لإيران أن تهدّد إسرائيل بها، بالإضافة إلى جبهة أُخرى في لبنان، حيث جمع حزب الله ترسانة ضخمة تضم أكثر من 100.000صاروخ.
ووفقاً لأيزنكوت كانت الرؤية الإيرانية لسورية في اليوم التالي للحرب هي بناء قوة برية قوامها 100.000 جندي. وأشار إلى أن هناك فعلاً 20.000 مقاتل من حزب الله، وميليشيات شيعية من العراق وأفغانستان وباكستان، وآلاف المستشارين من إيران. والهدف هو إنشاء قدرات برية وجوية وبحرية واستخباراتية مجتمعة لبناء خط من المواقع العسكرية على طول الحدود في منطقة الجولان.
وقال أيزنكوت إن الجيش الإسرائيلي نجح إلى حد كبير في منع هذه الخطة الإيرانية من خلال القيام بعمليات مستمرة داخل سورية. وأكد أن منع تموضع إيران عسكرياً في سورية كان المحور الرئيسي للجيش الإسرائيلي في السنوات الأربع الفائتة، وتم تخصيص موارد كبيرة لهذا الغرض. كما قامت إسرائيل بتدمير مصانع أسلحة في سورية تجمع بين البنية التحتية السورية والتمويل الإيراني وقدرات حزب الله.
واعترف أيزنكوت بأن وجود روسيا العسكري في سورية منذ سنة 2015 جعل عمليات الجيش الإسرائيلي أكثر تعقيداً. كما أقرّ بأن نشاطات الجيش الإسرائيلي في سورية، في معظمها، كانت مجهولة من معظم السكان الإسرائيليين حتى بداية السنة الحالية، عندما تم إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 16" بواسطة الدفاعات الجوية السورية في أثناء قيامها بغارات ضد أهداف إيرانية وسورية يوم 10 شباط/ فبراير الفائت، مشيراً إلى أنه قبل ذلك كان هناك مئات العمليات والهجمات التي قامت بها إسرائيل، لكنها كانت بعيدة عن الأنظار.
ورفض أيزنكوت الدعوات التي تطالب باتخاذ إجراءات أكثر قوة ضد الفلسطينيين في المناطق [المحتلة]، وأكد أن الفكرة القائلة بأن استخدام مزيد من القوة ضد الفلسطينيين سيؤدي إلى وقف الهجمات خطأ.
وتحدّث أيزنكوت عن عملية الجيش الإسرائيلي الأخيرة "درع شمالي"، التي يقوم بها منذ يوم 4 كانون الأول/ ديسمبر الحالي وتهدف إلى كشف الأنفاق الهجومية المحفورة داخل الأراضي الإسرائيلية من الجنوب اللبناني وتدميرها، فقال إن هذه الأنفاق كانت جزءاً من خطة قام بها حزب الله للاستيلاء على الجليل والسيطرة على شريط طوله 5 كيلومترات في شمال إسرائيل من أجل تحقيق إنجاز تاريخي. وأضاف أن خطة حزب الله كانت استخدام الأنفاق كعنصر مفاجئ في شن حرب مستقبلية ضد إسرائيل. وأشار إلى أنه من أجل الاستيلاء على أجزاء من الجليل، كان حزب الله سيرسل عشرات أو مئات من المقاتلين عبر الأنفاق، إلى جانب وحدات من القوات فوق الأرض، مصحوبة بكميات ضخمة من الصواريخ وقذائف الهاون الموجهة إلى شمال إسرائيل لمنع الجيش الإسرائيلي من الوصول. كما أشار إلى أن حزب الله اعتبر هذه الخطة شبيهة بمفاجأة حرب "يوم الغفران" [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973] من طرف سورية ومصر.
وقال أيزنكوت إن الجيش الإسرائيلي اكتشف هذه الخطة قبل أربع سنوات وبدأ بإحباطها. وأضاف أنه حتى الآن كشف الجيش الإسرائيلي عن 4 أنفاق هجومية عبر الحدود، وبعد دراستها بدأ بتدميرها يوم الخميس الفائت. وأكد أن الجيش سيستكمل العملية حتى يتم العثور على جميع الأنفاق التي تخترق أراضي إسرائيل.