تقدم في مساعي التسوية في قطاع غزة يمنح إسرائيل وتركيا فرصة لتحسين علاقاتهما
تاريخ المقال
المصدر
- جولة التصعيد الأخيرة في غزة ألقت الضوء مجدداً على الأزمة الإسرائيلية- التركية. وتبادُل التغريدات على تويتر بين الناطق بلسان أردوغان وبين الناطق بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، لم يدل فقط على الخلافات السياسية في الآراء، بل أيضاً على أسلوب تخاطب سلبي وعدائي. لقد مر نصف عام على عودة دبلوماسيين إسرائيليين وأتراك كلٌّ إلى بلده، نتيجة احتجاج أردوغان على الخطوات الإسرائيلية في غزة، ولم يظهر حتى الآن توجه نحو تحسن العلاقات. على هذه الخلفية جرى مؤخراً الحوار السياسي الإسرائيلي - التركي السنوي في معهد ميتفيم.
- سلسلة نقاشات جرت مع محاورين أتراك أكدت أنه في ذروة التوترات بين إسرائيل وتركيا قبل بضعة أشهر امتنعت الدولتان رسمياً من إعلان خفض درجة العلاقات، وهذه الحقيقة ستسهل حل الأزمة إذا توفّرت الإرادة السياسية لفعل ذلك. سيمكن اعتبار إعادة السفراء خطوة تقنية في الأساس، ولا تبشر بمرحلة جديدة من العلاقات. انتبهوا، قالوا لنا في إستانبول إن أردوغان امتنع مؤخراً من مهاجمة إسرائيل بحدة. وهذا ليس من صفاته، ويمكن أن يتغير بسرعة، وقد تصرف بهذه الطريقة في الماضي خلال فترات اتصالات غير معلنة بين الدولتين، أو الرغبة في ترميم الثقة مع إسرائيل أو مع الولايات المتحدة.
- لكن حتى لو عاد السفيران، ليس من المتوقع أن تعيد تركيا الحرارة إلى علاقاتها مع إسرائيل وذلك في ضوء استمرار معارضتها سياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين التي تثير انتقادات وسط طبقات متعددة من الجمهور التركي، وليس فقط بين أنصار أردوغان. عملياً، الرغبة التركية في التأثير أكثر في الموضوع الفلسطيني، هي سبب أساسي يجعل تركيا ترغب في إعادة تمثيلها الدبلوماسي في إسرائيل. ففي غياب السفير في تل أبيب وغياب القنصل في القدس، تجد تركيا نفسها مستبعدة أكثر عن الخطوات التي تحدث في الساحة الفلسطينية الداخلية، وعن الجهود الدولية المبذولة للتوصل إلى تسوية في قطاع غزة.
- أيضاً الزاوية الأميركية طرحت في الحوار، وبصورة خاصة بشأن كل ما يتعلق بالمجموعات اليهودية في الولايات المتحدة. في تركيا ينظرون بقلق إلى العلاقة المتزايدة بين المنظمات اليهودية ومنظمات تابعة للوبي السعودي والإماراتي في واشنطن، والتي تؤدي في رأيهم إلى توجه أكثر سلبية حيال تركيا في الإدارة الأميركية. وهم معنيون بالحصول على تأييد اللوبي اليهودي، وبصورة خاصة في كل ما يتعلق بالتأثير في إدارة ترامب، من أجل إتاحة هامش عمل أوسع لتركيا في العراق، انطلاقاً من الافتراض أن هذا سيشكل ثقلاً مضاداً لإيران، وفي رأي الأتراك سيخدم أيضاً مصالح إسرائيلية.
- فيما يتعلق بإيران، وبخلاف ما هو سائد في إسرائيل، يشددون في إستانبول على أن إيران وتركيا ليستا حليفتين. صحيح أن بينهما علاقات جوار وتجارة مشتركة وتعاون في مسائل إقليمية مثل سورية، لكن في المقابل تسود بينهما خصومة كبيرة. ومثل إسرائيل، تريد تركيا أيضاً فرض قيود على التدخل الإيراني في سورية، انطلاقاً من تخوف أساسه الهيمنة الاقتصادية.
- سوء الفهم السائد في إسرائيل حيال تركيا، موجود أيضاً في تركيا حيال إسرائيل. على سبيل المثال يسود هناك الافتراض أن لإسرائيل أطماعاً إقليمية في الشرق الأوسط. إن إسرائيل وتركيا تستطيعان أن تجدا لغة مشتركة فيما يتعلق بسورية. وإطلاق حوار استراتيجي إسرائيلي - تركي بشأن موضوع سورية يجب أن يكون أحد نتائج إعادة السفراء في المستقبل. كما نوصي بإنشاء آلية لإدارة الأزمات الإسرائيلية - التركية، بهدف منع حدوث انهيار إضافي في العلاقات بين الدولتين إذا وقعت جولة عنف إضافية في غزة، أو نتيجة توترات جديدة مع القدس.
- الفجوات الأيديولوجية وعدم الثقة بين أردوغان ونتيناهو ليس من المتوقع أن تختفي قريباً، لكن الفوائد التي تنطوي عليها علاقة جيدة بين الدولتين من شأنها أن تقودهما نحو تخفيض نسبة التوتر بينهما. وإذا طرأ تقدم في مساعي التسوية في غزة، أو تجددت المفاوضات السلمية مع السلطة الفلسطينية، حينها ستبرز فرصة ليس لقيام حوار إيجابي بين إسرائيل وتركيا فحسب، بل أيضاً من أجل تحسن حقيقي للعلاقات بينهما.