نتنياهو يعد لجولة مقبلة ضد إيران خلال توليه حقيبة وزير الدفاع
تاريخ المقال
المصدر
- كثيرون استمعوا إلى رئيس الحكومة في مؤتمره الصحافي هذا المساء، وبحثوا عن عناوين سياسية. لكن فيما وراء السياسة تحدث رئيس الحكومة عن "المعركة الأمنية" الدائرة، وعن الحاجة إلى التصرف بمسؤولية. ما الذي قصده، هل المقصود خطة لها علاقة بقطاع غزة؟ الجواب قطعاً لا! المقصود أمور أوسع بكثير وأكثر أهمية بالنسبة إلى أمن إسرائيل.
- وقع نهاية الجولة الأخيرة في مواجهة "حماس" على الآذان كان مصمّاً، وبالتأكيد في ضوء تظاهرات سكان الجنوب وانعدام الأمن، يمكن القول إن الواقع الاستراتيجي في الجنوب إشكالي جداً. لكن قرار نتنياهو عدم الدخول في هذه المرحلة في معركة في مواجهة "حماس" ليس ناجماً عن ضعف، بل عن اعتبارات استراتيجية أغلبيتها ليس له علاقة بما يجري في قطاع غزة.
- في العقد الأخير تدور معركة دراماتيكية، أغلبها "تحت الرادار" ضد التهديدات الناشئة على حدودنا، خصوصاً على الحدود الشمالية. أكثر من مرة جرى الحديث عن عمليات ضد تمركز ميلشيات شيعية على الحدود السورية، وعن الحاجة إلى منع تعاظم حزب الله وحصوله على سلاح "كاسر للتوازن". هذه المعركة هي أهم معركة تدور حالياً على الصعيد الأمني. القدرة العسكرية لـ"حماس" في الجنوب تثير القلق، لكن أقل من احتمال اشتعال الشمال.
- نتنياهو يفهم جيداً ميزان القوى والمخاطر في الشمال، لذلك فإن أغلبية الجهود الاستراتيجية موجهة لمعالجة هذه التهديدات التي سببها الأساسي إيران. وهذا أيها السادة، بالتأكيد ليس موضوعاً سياسياً. أيضاً الجهود السياسية منشغلة في الأساس بهذا الموضوع، ومرتبطة بالعلاقات مع روسيا وبالتأكيد مع الولايات المتحدة. يدرك جميع اللاعبين جيداً أن تسخين الأجواء في الشمال لا يخدم أحداً، ويهدد بصورة واضحة استقرار المنطقة كلها.
- يجب ألا ننسى أن إيران في هذه الأيام تعاني من أزمة شديدة في ضوء العقوبات الأميركية. ومن الصعب التنبؤ بكيفية تصرف نظام آيات الله الذي وضع على حدودنا الشمالية مئات آلاف الصواريخ. تبدو قدرة "حماس" بسيطة بالمقارنة مع ما يطبخه الإيرانيون. لمواجهة هذا التهديد المطلوب تحرك، جهوزية، واستعداد، وأي انصراف عن هذا الجهد سيلحق ضرراً في القدرة على تقديم رد شامل على هذه "الطبخة". وحالياً، في الوقت الذي يتعرض فيه الإيرانيون إلى الضغط، فإنهم سيحاولون بأي طريقة خلق مصاعب لإسرائيل، ولا نعرف ماذا سيحمل إلينا الغد، ومتى سيقررون استخدام الترسانة التي راكموها.
- هذه هي المعركة الأمنية التي قصدها نتنياهو، وأيضاً "حماس" هي جزء من الموضوع، مع أنها جزء ثانوي منه. في ضوء هذا الفهم يمكننا أن ندرك أن خطوة وزير الدفاع المنتهية ولايته أفيغدور ليبرمان كانت بالتأكيد غير مسؤولة، وهي بالتأكيد تخل عن المسؤولية. ليست هذه هي المرة الأولى التي "يقفز فيها ليبرمان من السفينة". لقد حدث هذا في ذروة عملية "الجرف الصامد"، عندما قرر فكّ التحالف بين إسرائيل بيتنا وبين الليكود. لعبة سياسية في الوقت الذي نواجه فيه تهديداً أمنياً هو أمر مناف للعقل، وهكذا يجب أن ننظر إليه.
- لقد قال نتنياهو أيضاً: "سنتحرك بقوة عندما نقرر". الرسالة هنا واضحة، إسرائيل لا تنتظر هي تبادر. وهذا تصريح لا يقل دراماتيكية، ويلمح أكثر إلى أنه في المرة المقبلة التي ستُفتح فيها النار فإنها ستكون نيراناً إسرائيلية ستضرب بشدة كبيرة كل من يتحرك من حولنا ولديه نوايا قتالية، وهذه عبارة استراتيجية لها انعكاسات عميقة. بهذا الكلام وضع جهوزية القوى الأمنية تحت شعار: "كونوا مستعدين، أنوي استخدامكم". والسؤال متى وأين.
لم يكن هذا الخطاب للاستهلاك الداخلي فقط. بل أيضاً، وفي الأساس هو موجه إلى جميع الذين يفركون أيديهم سروراً من حولنا ويعتقدون أن نهاية الجولة الأخيرة بوقف إطلاق النار يشكل دليلاً على ضعف إسرائيلي. توضح رسالة نتنياهو إلى الذين يحيطون بنا أن إسرائيل تستعد لعمل عنيف، وليس هناك أي وضع سياسي يمنع متخذي القرارات عن العمل بكل ما لديهم من قوة. وسواء كنا نتوجه إلى انتخابات أم لا - بشر نتنياهو اليوم الشعب والبيئة المحيطة بنا - "كونوا مستعدين، قريباً ستسمعون منا، وهذا سيكون عاصفاً جداً".