أولاً الردع ومن بعده تهدئة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • بدا في ساعات ليل الاثنين أننا على عتبة جولة عنف جديدة في قطاع غزة. "حماس" استعدت لهذه الجولة وبدأتها بحادث خطير لم نشهد مثله منذ سنوات: إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على باص مدني. هذا عمل عدائي خطر لا تبرره حادثة الاشتباك الذي وقع بالأمس بين قوة عسكرية إسرائيلية وبين قوة عسكرية تابعة لـ"حماس" بأي شكل من الأشكال. ثمة شك في أن "حماس" كانت ستجرؤ على إطلاق صاروخ على هدف مدني لو لم تكن قيادة الحركة مقتنعة بأن إسرائيل لن ترسل الجيش الإسرائيلي إلى داخل القطاع وأنها لا ترغب في إسقاط حكمها.
  • مجرد إطلاق النار هذا يشير وحده إلى أن مرحلة الردع العسكري الإسرائيلي في مواجهة "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني قد انتهت، هذا الردع الذي تمّ بفضله المحافظة على الهدوء خلال السنوات الأربع الأخيرة منذ عملية "الجرف الصامد". لذلك شملت أيضاً هجمات "حماس" والمنظمات الغزاوية الأُخرى التي تعمل بالتنسيق معها مراحل ودرجات إضافية.
  • المرحلة الثانية في الهجوم الحمساوي المفاجىء الذي كان مخططاً له ومعداً بصورة جيدة، كان الهجوم الصاروخي، صواريخ وقذائف هاون جرى التخطيط لها كي توقع إصابات بين المدنيين الإسرائيليين من سكان غلاف غزة، ونتيفوت، وبئر السبع، وعسقلان. وهناك مكون آخر هو إطلاق صواريخ منحنية المسار على مناطق تقدّر "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي أنها ليست محمية جيداً بواسطة "القبة الحديدية".
  • الغزاويون المحنكون يعرفون أن الصواريخ البعيدة المدى التي يطلقونها في اتجاه صحراء يهودا ومنطقة لاخيش ليست دقيقة، ومن المعقول أن أغلبيتها الساحقة ستنفجر في مناطق مفتوحة، لكن حقيقة استخدامها يمنح "حماس" أهمية ويحسّن صورتها في عيون الفلسطينيين في غزة ويهودا والسامرة [الضفة الغربية]، ويسمح لحركة الجهاد الإسلامي بأن تُظهر لرعاتها الإيرانيين أن أموالهم مجزية وتُستخدم بصورة جيدة.
  • من المعقول الافتراض أن "حماس" ستطلب بعد بضع ساعات من المصريين أن يتوسطوا لها من أجل وقف إطلاق نار كي تستطيع أن تخرج بإنجاز دعائي من دون أن تتكبد ضرراً خطيراً للغاية نتيجة العمليات التي بدأها الجيش الإسرائيلي في الساعات الأخيرة.
  • "حماس" بحاجة إلى هذا الإنجاز الدعائي لثلاثة أسباب:
  • الأول، الضغط داخل الحركة والضغط من جانب تنظيمات إرهابية غزاوية أُخرى للثأر لمقتل قائد كتيبة شرقي خان يونس في الذراع العسكرية لـ"حماس" وستة من رجاله، بينهم عضو من لجان المقاومة.
  • السبب الثاني، هو الرغبة في إعادة خلق معادلة ردع في مواجهة إسرائيل مفادها أن استخدام قوة عسكرية للجيش الإسرائيلي سيرد عليه بإطلاق النار على مستوطنات النقب الغربي، والإخلال بروتين الحياة الطبيعية في إسرائيل.
  • سبب ثالث، هو حاجة "حماس" إلى عملية عنيفة ضد إسرائيل لتغسل صورة من يبيع "المقاومة الفلسطينية" في مقابل حقائب مملوءة بالدولارات القادمة من قطر. تقريباً جميع التنظيمات الغزاوية والسلطة الفلسطينية اتهمتها بذلك.
  • لكن ما يسمح لـ"حماس" بأن تعربد وترمّم صورتها على ظهر ودماء سكان إسرائيل هو تآكل الردع الذي يجب على الجيش الإسرائيلي أن يسارع إلى ترميمه.
  • من دون ردع ليس هناك أي فرصة لصمود اتفاق أو تفاهمات تهدئة أو تسوية. وحده ردع عسكري قوي، غير موجود حالياً، في مواجهة "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي يستطيع أن يضمن لأي تهدئة يمكن التوصل إليها أن تصمد. لذلك رد الجيش الإسرائيلي على الهجوم الحمساوي المفاجىء حالياً بمثابة "حرب لا مفر منها". من دون ردع لا أهمية للتهدئة أو للتسوية، ويجب على حكومة إسرائيل الدفاع وإعطاء الإحساس بالأمان لمواطني الجنوب أيضاً قبل إنجاز بناء "العائق" على حدود القطاع.
  • تجديد الردع هو الآن المهمة الأساسية للجيش الإسرائيلي في الساحة الجنوبية، والأفضل من دون دخول بري، لكن إذا أصرت "حماس" على مواصلة إطلاق الصواريخ، من المحتمل أن يضطر الجيش إلى الدخول إلى القطاع. إن لم يكن من أجل إسقاط "حماس" بصورة كاملة (حتى الآن ليس لها بديل) فمن أجل التدمير الجذري لجميع الأرصدة العسكرية للتنظيمات الإرهابية، و"اقتلاع" جزء مهم من قياداتهم. القوات مستعدة بالقرب من القطاع بعد أن تدربت على مهماتها.

قصف سلاح الجو الذي حدث في ساعات الليل في القطاع هو الدفعة الأولى. حالياً لا نعرف ما إذا كان الجيش الإسرائيلي سينفذ كل الخطة التي أعدتها شعبة العمليات في رئاسة الأركان العامة وسيوجه ضربة قاسية إلى المنظمات الإرهابية تدفع "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي إلى إعادة حساباتهما، لكن من دون إدخال قوات برية إلى القطاع. أيضاً لا يمكننا أن نعرف فيما إذا طُبقت الخطة بكاملها سيكون التأثير المنتظر. ستمر ليلة أو ليلتان قبل أن نعرف إلى أين ستتطور الأمور.