وفقاً لمؤتمر عُقد في نيويورك هذا الأسبوع، التماهي في المواقف حيال الشرق الأوسط لا يقتصر على الولايات المتحدة وإسرائيل بل يشمل كلاًّ من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واليمن
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • لو قام أحد باستبدال الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة الماضية بالمقاطع التي تم التطرّق فيها إلى الشرق الأوسط في سياق الخطاب الذي ألقاه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب أمام هذه الجمعية قبله (وهي مقاطع قليلة جداً) ما كان من الممكن معرفة من الذي قالها، فقد كانت الرسائل الصادرة من الخطابين كما لو أنها كُتبت من طرف نفس الشخص.
  • إذا كان هذا يدل على شيئ فإنه يدل على مبلغ التماهي بين الولايات المتحدة وإسرائيل حيال الموضوعين المركزيين والمهمّيْن بالنسبة إلى نتنياهو، وهما إيران والمسألة الفلسطينية. وليس مبالغة القول إنه لم يكن في تاريخ العلاقات بين الدولتين إدارة أميركية منحت إسرائيل "شيكاً مفتوحاً" لتفعل ما تشاء مثلما منحتها إدارة ترامب. وحتى عندما تواجه إسرائيل أزمات مستعصية فإنها تسارع إلى طلب المساعدة من واشنطن، كما حدث خلال الأزمة مع روسيا الأسبوع الفائت على خلفية إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في الأجواء السورية، ولم يعد سراً أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة مساعدتها في تسويتها وإنزال الكرملين عن الشجرة ومحاولة كبح قرار موسكو تزويد نظام بشار الأسد بمنظومات الدفاع الجوية المتطورة من طراز "S 300".
  • هنا يتعين القول إنه من أجل الحصول على مساعدة واشنطن فيما يخصّ تسوية الأزمة مع روسيا وصل رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين بشكل مفاجئ إلى نيويورك هذا الأسبوع، وأجرى محادثات مع نظرائه في الإدارة الأميركية من أجل إيجاد حلّ لهذه الأزمة.
  • ولا بد من ملاحظة أن التماهي في شتى المواقف حيال الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط لا يقتصر على الولايات المتحدة وإسرائيل فحسب، إنما أيضاً يشمل كلاًّ من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واليمن، التي تتشارك هي أيضاً مع الولايات المتحدة وإسرائيل في الرأي القائل إن إيران هي مصدر كل الشرور في الشرق الأوسط. وسمعت هذا الرأي بصورة مباشرة في أثناء مؤتمر خاص عُقد يوم الثلاثاء الفائت في أحد فنادق نيويورك، في مناسبة ذكرى مرور 10 سنوات على تأسيس منظمة مسؤولين سابقين في المؤسسة الأمنية - السياسية الأميركية باسم "مُوحّدون ضد إيران نووية".
  • وألقى رئيس الموساد خطاباً أمام هذا المؤتمر. كما ألقى خطابات أمامه كلٌّ من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والسفير البحريني في واشنطن عبد الله الرشيد بن خليفة، وسفير الإمارات العربية المتحدة يوسف القتيبة، ونائب وزير الخارجية اليمني خالد يمني. صحيح أن هؤلاء المسؤولين العرب لم يجلسوا على منصة واحدة مع رئيس الموساد، لكنهم ألقوا خطاباتهم سوية معه. وباستثناء الوزير السعودي، الذي اعتذر عن مغادرة القاعة بسبب التزامات سابقة، فإن سائر المسؤولين العرب بقوا في قاعة المؤتمر وأنصتوا باهتمام إلى خطاب رئيس الموساد.
  • ولا يقل أهمية عن ذلك أن ما قاله هؤلاء المسؤولون العرب في خطاباتهم بدا أقرب إلى ما يقوله كلٌّ من ترامب ونتنياهو، وكذلك إلى ما قاله كوهين. فجميعهم تكلموا عن "الدمار والخراب" اللذين تزرعهما إيران في المنطقة. وقال الجبير إن " ما يُميّز إيران منذ الثورة (الإسلامية سنة 1979) هو الموت والدمار والإرهاب والاغتيالات". وأشار إلى أن الأموال الإيرانية، التي تم الإفراج عنها في إثر توقيع الاتفاق النووي، لا تُستثمر في إقامة المدارس بل في تمويل الإرهاب، وإنتاج صواريخ متطورة، والتدخل في الحروب الدائرة في كلّ من اليمن وسورية والعراق من أجل زعزعة الأنظمة في هذه الدول. ووفقاً لما قاله الجبير، تخوض إيران حرباً سيبرانية ضد السعودية، كما أنها تقوم بإطلاق صواريخ يتم إنتاجها في إيران ويشرف على تفعيلها أفراد حزب الله في اتجاه الرياض ومدن سعودية أُخرى، وحتى الآن جرى إطلاق 107 صواريخ تم إسقاط أغلبيتها. ويجدر في هذا السياق أن نشير إلى أن تقارير إعلامية أجنبية أفادت مؤخراً أن السعودية تدرس إمكان شراء منظومات "القبة الحديدية" من إسرائيل، من دون أن تحظى بأي تأكيد رسمي سواء من السعودية أو من إسرائيل. كما أشارت تقارير أُخرى إلى أن دول الخليج تشتري من إسرائيل منظومات أمنية في مجاليْ السايبر وحماية الحدود. ويظهر أنه لا دخان من دون نار في هذا الشأن.
  • غير أنه على الرغم مما يسمونه في إسرائيل "التحالف مع الدول السنية"، والذي يستند إلى الخوف من إيران، جرياً على مقولة عدو عدوي صديقي، فإن هذه العلاقات السريّة لن تخرج إلى العلن من دون أن يكون هناك تقدّم في كل ما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين. وتأكدت من ذلك عندما توجهت إلى عدد من المندوبين العرب في المؤتمر في نيويورك وكشفت عن هويتي، حيث أنهم تحدثوا معي بود كبير، وأعربوا عن إعجابهم بقوة إسرائيل وقدراتها، وأكدوا أن الولايات المتحدة وإسرائيل تشكلان سدّاً منيعاً أمام عدوانية إيران وتطلعاتها التوسعية، لكن عندما طلبت منهم أن أنقل عنهم هذه الأقوال بأسمائهم الصريحة قالوا إن من السابق لأوانه القيام بذلك، ومن أجل حدوث هذا لا بُدّ من إحراز تقدّم فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني.