المحطة المقبلة للأسد - الجولان
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•وحدات الشرطة الروسية التي رافقت القوات السورية إلى معبر نصيب بين الأردن وسورية، أنهت يوم (السبت) تمركزها في نقطة المعبر وفي أجزاء من مدينة درعا. وقد بدأت قوات  المتمردين بتسليم سلاحها الثقيل لجيش الأسد، وإذا لم يطرأ تطور جديد، يستطيع الأسد أن يعلن أن منطقة شرق درعا أصبحت تحت سيطرته. وقد بدأ الأردن في فحص إمكان إعادة مئات آلاف اللاجئين الذين لجأوا إليه خلال الحرب إلى منازلهم. 

•تستعد إسرائيل لمواجهة المرحلة المقبلة التي ستنتشر فيها قوات الأسد في المواقع التي كانت فيها قبل نشوب الحرب، بما يتلاءم مع خطوط الفصل التي حُددت في الاتفاقات بين سورية وإسرائيل في سنة 1974. 

•لكن بين المرحلة الأولى والثانية من المنتظر أن تواجه سورية حرباً محلية غرب محافظة درعا وعلى طول الحدود الأردنية حتى حوض اليرموك حيث توجد قوات جبهة النصرة ووحدات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). هذه المعركة يمكن أن تستمر أياماً طويلة قبل أن يصبح الجنوب كله في يد الأسد.

•بحسب تقارير من سورية، التعهد الذي قدمته روسيا للأردن وإسرائيل بعدم مشاركة قوات إيرانية أو قوات تابعة لحزب الله في القتال في درعا تحقق بصورة جزئية فقط. فقد لوحظ وجود مقاتلين من حزب الله وعدة ضباط إيرانيين في مناطق القتال، لكن بصورة عامة اعتمد القتال وانتشار القوات في درعا بصورة كاملة على القوات السورية والروسية. في هذه الأثناء لم يدخل وقف إطلاق النار في حيز التنفيذ في غرب درعا، وهو ينتظر رداً من قوات الميليشيات المحلية الذي من المفترض أن يُعطى خلال يوم.  

•تعتبر إسرائيل أنها هي التي أعطت الضوء الأخضر الأخير لدخول قوات الأسد إلى جنوب سورية. جاء هذا بعد مفاوضات دارت بين قائد وحدة الشرطة الروسية في سورية، وممثل الحكومة الروسية ومندوبين عن الأردن وبين مندوبين عن إسرائيل، على قاعدة تعهُّد روسي بإبعاد القوات الإيرانية من المنطقة في المرحلة الأولى، وإبعادهم إلى مسافة نحو 40 كيلومتراً عن الحدود الأردنية. 

•فيما يتعلق بعمق انتشار القوات الإيرانية في منطقة الجولان ستجري مفاوضات إضافية في الاجتماع الذي سيعقده نتنياهو مع بوتين يوم الأربعاء هذا الأسبوع، أي قبل 6 أيام من قمة بوتين ترامب التي ستعالج، بين أمور أُخرى، الاتفاق النووي والوضع في سورية.

•تصر إسرائيل على عدم تجاوز القوات السورية خطوط الفصل المتفق عليها، لكن من دون دخول هذه القوات ليس في إمكان سورية إبعاد ميليشيات المتمردين الموجودة في منطقة هضبة الجولان السوري. وهكذا فإن المطلوب من الأطراف الثلاثة، إسرائيل، سورية، وروسيا، هو إيجاد حل مبتكر يحول دون دخول قوات سورية ويُبعد أيضاً الميليشيات. أحد الاحتمالات أن تكون إسرائيل هي من يطلب من عناصر الميليشيات مغادرة هضبة الجولان لقاء تعهد روسي سوري بالمحافظة على أمنهم. احتمال آخر هو أن تسمح إسرائيل لقوات الشرطة الروسية مع وحدات تابعة لجيش الأسد بتأمين عبور آمن لأفراد الميليشيات وآلاف اللاجئين الذين وصلوا مؤخراً إلى هضبة الجولان، بعد فرارهم من مناطق القصف والقتال في درعا.

•إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يحدد انتشار قوات النظام جنوب سورية يستكمل سيطرة الأسد على أغلبية أجزاء الدولة. ويُضاف هذا إلى الاتفاقات التي وُقّعت في مناطق أُخرى، وإلى مفاوضات يجريها النظام مع القوات الكردية، وإلى التوافقات التي توصل إليها النظام مع الأقلية الدرزية في جنوب سورية. لكن السيطرة العسكرية على الأرض تبقي عدداً من الموضوعات الأساسية بحاجة إلى حل، كي تستطيع روسيا مواصلة مساعيها السياسية التي تشمل تأليف حكومة سورية جديدة، وتطبيق دستور معدل، صاغته موسكو مع النظام، وإجراء الانتخابات. وبالإضافة إلى انتشار القوات في هضبة الجولان، سيكون على روسيا إقناع تركيا بسحب قواتها من شمال سورية، المنطقة التي احتلتها تركيا كجزء من صراعها ضد الوحدات الكردية ومن سعيها لمنع قيام تواصل جغرافي كردي.

•ستحاول روسيا أيضاً إنشاء معادلة بين خروج القوات الأميركية، التي يوجد جزء منها شمال سورية، وجزء آخر في قاعدة التنف في مثلث الحدود بين الأردن وسورية والعراق، وبين خروج القوات الإيرانية. حتى الآن تبدو هذه المعادلة لا حظوظ لها بالنجاح، لأن إيران لا تنوي، على الأقل بحسب تصريحاتها، سحب قواتها بالكامل من سورية. ولقد تلقت دعماً لموقفها هذا من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي صرّح في الأسبوع الماضي أنه من غير الواقعي المطالبة بانسحاب القوات الإيرانية من سورية، بخلاف تصريحات سابقة لبوتين طالب فيها بخروج جميع القوات الأجنبية من سورية.

 

•أحد الأسئلة المطروحة حالياً هو: هل سيتمكن بوتين من ربط انسحاب القوات الإيرانية من سورية بموضوع الاتفاق النووي الإيراني؟ أي هل سيوافق ترامب على إبداء مرونة في موقفه من الاتفاق واقتراح مفاوضات جديدة مع إيران وتأجيل فرض عقوبات جديدة في مقابل انسحاب إيراني من سورية؟ مثل هذه المعادلة يمكن أن يضع إسرائيل أمام معضلة صعبة وسيكون عليها أن تقرر ما هو الخطر الأمني الملموس الذي تواجهه: اتفاق نووي جيّد تلتزم به إيران بدقة لكن يطرح شكوكاً حيال المشروع النووي بعد انتهاء تاريخ الاتفاق، أو استمرار وجود القوات الإيرانية في أراضي سورية. حالياَ هذه مسألة نظرية، لكن بعد أقل من أسبوع يمكن أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة شهر عسل روسي - أميركي جديد، من شأنه أن يطلب منها صوغ استراتيجيا بديلة.