الهجوم على سورية: ثلاثة تساؤلات وخلاصتان إسرائيليتان
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•يطرح هجوم الولايات المتحدة وشركائها على سورية ثلاث علامات استفهام واستخلاصين إسرائيليين: علامة الاستفهام الأولى تتعلق بمدى نجاح الهجوم. تتحدث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عن هجوم ناجح، وعن إصابة جميع الأهداف. ويدّعي جنرال روسي في سورية أن نحو 70% من الصواريخ أُحبطت بواسطة المنظومة الدفاعية السورية. وهذه فجوة غير منطقية في موضوع يجب أن تكون الحقائق بشأنه واضحة. وإذا كانت الرواية الروسية صحيحة فإن هذا مدعاة للقلق. فما الذي حدث فعلاً؟

•علامة الاستفهام الثانية تتعلق بمدى الضرر الذي لحق بالترسانة الكيميائية التي تملكها سورية. وبحسب معرفتي بالموضوع حرص السوريون على الاحتفاظ بالسلاح الكيميائي في داخل أنفاق عميقة لا يستطيع هجوم بالصواريخ اختراقها. فما الذي حدث فعلاً؟ هل استهدفوا فقط أهدافاً كيميائية أم دمروها أيضاً. لماذا يتحدث الأميركيون فقط عن "إنجاز مهمة" (ماذا فعلنا)، وليس عن النتائج (ماذا كانت النتيجة)؟

•علامة الاستفهام الثالثة تتعلق بالتصريح الأميركي بأن "المهمة أُنجزت". فقد سارع الأميركيون إلى الإعلان أنه، فقط، إذا استخدمت سورية مرة أُخرى سلاحاً كيميائياً فإن الولايات المتحدة ستدرس مهاجمتها مجدداً. هذا كلام مثير للاستغراب. لماذا كان على الأميركيين طمأنة الأسد علناً؟ ولماذا قلصوا حجة تدخلهم باستخدام السلاح الكيميائي مستقبلاً فقط؟ لماذا لم يقولوا إنه إذا تسبب السوريون مرة أُخرى بوقوع ضحايا كثر وسط المدنيين (سواء بسلاح كيميائي أو بوسائل أُخرى) فإن الولايات المتحدة سترد بقوة؟ وماذا سيحدث إذا أحرق جيش الأسد حياة مئات الناس هل سيكون من غير الصائب الرد، حينها؟

•بالنسبة إلى إسرائيل هناك استخلاصان مباشران. الاستخلاص الأول يتعلق بإمكان أن تزود روسيا سورية بمنظومة صواريخ أرض - جو من طراز S-300. والمقصود سلاح يشكل خطراً ليس فقط على حرية تحرك سلاح الجو في سماء سورية وإنما أيضاً على حرية نشاطنا في سماء لبنان، وإذا نصبت في سماء غرب سورية، فيمكن أن تهدد أيضاً طرق الملاحة الجوية المدنية الإسرائيلية. هذا واقع لا تستطيع إسرائيل قبوله، لذا فإن الحوار مع الروس يجب أن يتمحور حول هذا الموضوع، بما في ذلك التلميح إلى أن إسرائيل قادرة على ضرب هذه المنظومات في حال أُعطيت للسوريين.

•سيكون هذا نقاشاً صعباً، ويمكن التكهن بما سيقوله الروس. في سنة 2004 عندما كنت رئيساً لمجلس الأمن القومي التقيت في موسكو وزير الدفاع ورئيس الأركان الروسيين. حاولت إقناعهما بعدم بيع سورية  أي سلاح مضاد للطائرات (أقل خطراً من S-300). أجابني الروس: "نحن نبيع أعداءكم (سورية) صواريخ مضادة للطائرات، لكن هذا سلاح دفاعي. وفي المقابل أنتم تبيعون أعداءنا (جورجيا) راجمات عبارة عن سلاح هجومي". وعلى الرغم من الصعوبة ومن الخداع الروسي المنتظر، من الصائب أن نتناقش معهم وأن نوضح لهم  أننا لن نخاف من التحرك. بوتين معروف أنه يحترم من لا يخاف من التحرك.  

•الخلاصة الثانية تتعلق بالرد الإيراني ضدنا. الصحيح حتى اليوم أن قدرة إيران على المسّ بإسرائيل من أراضي سورية محدودة جداً. وفي هذا الوضع يمكن أن يستخدم الإيرانيون ضدنا حزب الله، الذي يشكل تهديداً أخطر كثيراً من ناحية حجم الضرر الذي قد يتسبب به لدولة إسرائيل. إن الطريقة التي ستجعل من الصعب على حزب الله أن يقرر القيام بعملية ضد إسرائيل هي واحدة: يجب أن توضح إسرائيل للبنان أن الرد الإسرائيلي في إثر إطلاق نار علينا من اتجاه لبنان لن يؤدي إلى مواجهة بين إسرائيل وحزب الله (مثل حرب لبنان الثانية) بل سيؤدي إلى حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان. وستؤدي هذه الحرب  إلى التسبب بدمار كبير للبنان. وهذا لا يرغب فيه حزب الله أيضاً. يجب موازنة الضغط الإيراني بضغط مضاد من جانب شعب لبنان. وهذا الضغط يمكن أن يتحقق فقط كما قلنا إذا تحدثنا بصورة حازمة وأوضحنا حجم الضرر الذي سيلحق بلبنان وحكومته وبنيته التحتية وسكانه.