•الحادثة الذي كانت بمثابة شرارة للانتفاضة الفلسطينية الأولى (كانون الأول/ ديسمبر 1987) هي عملية صدم قامت بها شاحنة عسكرية إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين في غزة [استهدفت حافلة تقل عمالاً فلسطينيين مما أدّى إلى استشهاد أربعة فلسطينيين وجرح سبعة آخرين]. فهل ستشكل عملية الدهس، التي أدت إلى مقتل اثنين من الجنود الإسرائيليين وإصابة اثنين آخرين ليلة السبت في مستوطنة "مفو دوتان" في الضفة الغربية، شرارة لانتفاضة جديدة؟.
• من السابق لأوانه ومن الصعب تقدير ذلك. غير أن ما لم يعلنوه أيضاً في المؤسسة الأمنية وقيادة الجيش وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] أن الانتفاضة الثالثة المسماة انتفاضة الأفراد، والتي بدأت قبل عامين ونصف العام، قد انتهت، وهي لم تتلاشَ، بل لديها موجات صعود وهبوط.
•تُظهِر عملية الدهس هذه أن المناطق الفلسطينية تغلي. وبحسب بيانات "الشاباك" هناك ارتفاع بنحو 15% في عدد العمليات والأحداث المتعددة في غزة والضفة، وذلك لأسباب عدة: غياب عملية سياسية أدى إلى فقدان الأمل بالتغيير في صفوف الفلسطينيين؛ إعلان الرئيس الأميركي نقل السفارة إلى القدس؛ القطيعة في العلاقات بين السلطة الفلسطينية وواشنطن؛ عدم تطبيق اتفاق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"؛ صراعات القوة على خلفية اختيار وارث لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس؛ الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع والتحريض غير المتوقف من طرف "حماس" والجهاد الإسلامي ومحاولة كل منهما تنفيذ عمليات في الضفة ومنطقة الحدود مع القطاع.
•تشير التقديرات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أن العوامل المُثيرة للغضب لن تتلاشى، وقد تقوى في الأشهر المقبلة، وخصوصاً قبيل احتفالات الذكرى الـ 70 لقيام إسرائيل، بجانب التظاهرات التي ستقام لإحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.
•وتقريباً في كل حوار أو اجتماع أو تقدير موقف لهيئة الأركان العامة ورئيس "الشاباك" ولمسؤولين من الجانبين، يتم التأكيد دوماً أن الجبهة الأكثر احتمالاً للاشتعال هي الساحة الفلسطينية لأنها، خلافاً للجبهة السورية - اللبنانية، هي الجبهة غير المتوقعة. ومع ذلك لا يملك الجيش الإسرائيلي حلولاً سحرية لهذا الوضع. وبكلمات أدق فإن الحلول المتداولة لا تختلف عمّا كانت عليه في السابق، وجوهرها صيانة الاحتلال على أمل بألاّ تندلع انتفاضة قوية.