بدء العد العكسي لنهاية حياة نتنياهو السياسية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بدأ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا المساء(الثلاثاء) العد العكسي لحياته السياسية، مع نشر توصيات الشرطة بإحالته على المحاكمة بتهمة حصوله على رشى. وقد أوضح نتنياهو أنه لن ينزل عن المنصة من دون قتال، وتحدث بعنف ضد الذين حققوا معه، ووعد بأنه لن يتم التوصل إلى شيء، وأنه سيُنتخب لولاية إضافية. لكن الجزء الأقوى والأهم في خطابه هو الكلام الذي لم يقله: لم يناقض رئيس الحكومة الوقائع القاسية التي نشرتها الشرطة. هو لم ينكر أنه طالب وحصل على منافع شخصية ومبالغ مالية طائلة ازدادت بعد عودته إلى السلطة؛ هو لم ينكر أنه دفع قُدُماً بتشريعات ومبادرين تجاريين ووسطاء في الولايات المتحدة بهدف تقديم المساعدة إلى أرنون ميلتشين [رجل أعمال إسرائيلي أميركي]؛ ولم ينكر عملية المساومة التي أجراها مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" نوني موزيس، من أجل تقديم الدعم له في قنواته الإعلامية، في مقابل كبح الصحيفة المنافسة له تجارياً "يسرائيل هَيوم".

•إن النقاش الدائر حالياً لا يتعلق بالوقائع، بل بشأن تفسير هذه الوقائع. وبحسب رواية نتنياهو والمؤيدين له، يتآمر القائد العام للشرطة روني الشيخ وطاقم شعبة التحقيقات لإسقاطه من الحكم، مثل الذين سبقوهم، وفشلوا في مساع مشابهة قاموا بها خلال الـ 20 عاماً الماضية. وبحسب رواية نتنياهو أيضاً أنه كشف انقلاباً تحضّره القيادة القُطرية للشرطة بهدف استبدال الحكومة الحالية، من خلال تحقيق جنائي وتوصيات كاذبة. لكنه لم يشرح للجمهور دوافع المتآمرين ضده، وينسب المعلقون في "يسرائيل اليوم" الذين يعبّرون بصورة عامة عن مواقف نتنياهو، محاولة الانقلاب إلى ألشيخ ورجاله رغبة منهم في الحصول على تغطية  متعاطفة في وسائل الإعلام، وبصورة خاصة في القنوات الإخبارية التلفزيونية.

•يقول نتنياهو إنه كرّس كل حياته العامة، منذ تجنيده في الجيش وخلال عشرات السنوات التي قضاها كرئيس للحكومة، فقط لخدمة الدولة وأمنها وازدهارها. لكنه عندما ينتقل من المديح الشخصي إلى التفاصيل، تظهر صورة مناقضة: يؤمن نتنياهو بأن القوة السياسية هدفها خدمة صاحبها، وليس الجمهور. وبحسب روايته فقد حلّ الكنيست السابق بسبب اقتراح "قانون يسرائيل هَيوم"، أي كي يضمن بقاء صحيفة رسائله العلنية؛ وأراد إغلاق القناة العاشرة لأسباب لم يشرحها، ولكن الجميع يعرف أن هذه القناة اشتهرت بتقارير تنتقد سلوك رئيس الحكومة وزوجته ومَن حوله. ومن الصعب التصديق، ولكن خط دفاعه هو التالي: ساعدت وسائل الإعلام التي تدافع عني، وأغلقت تقريباً التي تنتقدني، واستخدمت قوة السلطة لدعم المؤيدين لي، وإسكات خصومي.

•ليس لدى نتنياهو أدنى شك أو ندم بشأن مطالبته بالحصول على "هدايا" قيّمة من ميلتشين (الذي أشرك صديقه المليونير جايمس باكر بتقديم جزء منها عندما ازدادت المبالغ). ففي نظره هذا سلوك طبيعي أن يطلب موظف عام من وزراء وكبار المسؤولين أن يدفع قُدُماً شؤون من يزوده بسيجار ومجوهرات وثياب وشامبانيا. إن هذا الموقف يؤدي إلى إفساد الخدمات العامة. فإذا كان رئيس حكومة يتصرف بهذه الطريقة، لماذا يُمنع رئيس بلدية، أو ضابط شرطة، أو مدير مدرسة، أو مديرو الأقسام في المستشفيات من فعل ذلك؟

•يراهن نتنياهو على الوقت، على أمل أن يتلاعب المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبيت بالتوصيات الصعبة ويبقيه في منصبه. وسيتهم عضو الكنيست يائير لبيد الذي شهد ضده في قضية ميلتشين، بأن لديه مصلحة سياسية واضحة في تشويه سمعته، وسيواصل تهجمه على المحققين معه. لكن في نهاية الأمر فإن من سيحسم مصيره هم حلفاؤه السياسيون، موشيه كحلون، ونفتالي بينت. وسيتعين عليهما أن يشرحا للجمهور، في الأيام المقبلة، لماذا يتمسكان بزعيم فاسد، يشجع على الفساد في وقت مواعيد أهم نشرات الأخبار، ولا يفككان الائتلاف الحكومي ويتركان نتنياهو يدافع عن براءته، من دون تحميل العبء الثقيل لقيادة البلد.  

•يحاول نتنياهو أن يردعهما مستخدماً القاعدة اليمينية، وعلى أمل أن يخاف بينت وكحلون من خسارة الناخبين الذين سينتقمون منهما لإسقاطهما حكومة اليمين. لكن حتى لو اشترى نتنياهو قليلاً من الوقت ليبقى في منصبه، فإن ثقل الاتهامات هو الذي سيحسم أمره.