حرب لا خيار فيها من أجل إخضاع حزب الله
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•يدّعي المسؤولون عن الإخفاق في حرب لبنان الثانية بصورة قاطعة أن الانتصار في هذه الحرب كان جزئياً فعلاً، لكن ثبُت مع مرور الزمن أن إسرائيل حققت الهدف الأساسي للحرب، أي سيطرة الهدوء على حدودها الشمالية سنوات عديدة. لكن الذي لا يكذب على نفسه يعلم أن هذا وهم، وأنه هدوء مضلل، وقد تحقق بثمن باهظ جداً: سماح إسرائيل لحزب الله بتهريب أكثر من 150 ألف صاروخ إلى لبنان، بينها آلاف الصواريخ الدقيقة، التي تستطيع، عندما يقرر الإيرانيون، إصابة أهداف استراتيجية في شتى أنحاء إسرائيل، والتسبب بسقوط آلاف القتلى والجرحى، وتدمير منشآت مدنية وعسكرية، وإلحاق الضرر بالاقتصاد وبالمعنويات الوطنية، وهذه قائمة جزئية. لقد جرى تهريب العدد الأكبر من هذه الصواريخ خلال حكم الليكود، أي حكم بنيامين نتنياهو.

•إن  هدوء حزب الله الوهمي لا يعود (فقط) إلى الردع الإسرائيلي، بل هدفه السماح لنفسه باستكمال مهمته من دون إزعاج وهي: نشر سلاح استراتيجي في لبنان ضد السكان المدنيين الإسرائيليين، وانتظار اليوم الذي تصدر فيه الأوامر. يفترض الحزب، وهو محق، أن إسرائيل، على عكسه، لا يمكن أن تضرب بصورة عشوائية المدنيين في لبنان، ولن تعيد لبنان إلى "العصر الحجري". وبالإضافة إلى تجنب إسرائيل القيام بمثل هذه الأعمال، يتمتع لبنان بغطاء من الحماية الدولية التي تميز، بصورة كاذبة، بين الدولة اللبنانية البريئة وبين حزب الله، الذي تقف عاجزة أمامه.

•لقد تبين أن افتراض حزب الله هذا صحيح. فسياسة الاحتواء التي مارستها إسرائيل حوّلت مواطنيها إلى رهائن لتنظيم إرهابي وحشي، لا شيء يردعه، وتستخدمه قوة عظمى تكره اليهود، وتهدد علناً، ومن دون خوف من ردود العالم، بالقضاء على دولة اليهود. إن عمليات القصف المتقطع للشحنات الإيرانية المحملة بالصواريخ إلى لبنان ليست أكثر من ألعاب نارية. إذ يجري تدمير العشرات بينما المئات، لا بل الآلاف، من الشحنات، تصل إلى حزب الله.

•طبعاً، تستعد القيادة العامة للجيش الإسرائيلي لليوم الذي تصدر فيه الأوامر، لكنها تتجنب أن تقول حتى لنفسها معنى سياسة الاحتواء: كلما جرى تأجيل الحسم، سيكون الثمن باهظاَ أكثر، ومؤلماً أكثر. وإذا أعطينا العدو، كعادتنا، "حق" القيام بالضربة الأولى، فإن الثمن سيكون لا يُحتمل. ماذا ستفيد ضربة مضادة؟ حتى الآن لم تتعافَ إسرائيل بعد من الصدمة الوطنية التي سببتها خسائر حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973].

•إن حكومة إسرائيل من خلال تفضيلها سياسة عدم التحرك وعدم القيام بشيء، باستثناء ضربات صغيرة هنا وهناك، لم تدفع السلام إلى الأمام. بل على العكس، لقد سمحت سياسة الاحتواء لإيران وحزب الله بالاستعداد للحرب.

•إن القيادة العامة للجيش الإسرائيلي، المعتدلة والحذرة والدفاعية، لم تسع أيضاً خلال جولات المعارك الثلاث الأخيرة في غزة لتحقيق الحسم، وهي شريكة في هذا التقصير التاريخي - الاستراتيجي. ومؤخراً فقط وبتأخير كبير، برزت سمات تغيير في التوجّه. 

 

•يتضح للسياسيين والعسكريين أن ثمن المحافظة على الهدوء يمكن أن يكلفهم ثمناً دموياً، لا يستطيع الشعب تحمله. في مثل هذا الوضع، جميع الذين يحاولون هنا منع اتخاذ خطوات ضرورية لمنع حدوث صدمة وطنية إضافية ويسمون هذه الخطوات "حرب لنا خيار فيها" يرتكبون خطأ كبيراً. وإذا قُبلت معارضتهم، فإنهم، والذين يتأثرون بهم، سيتسببون بكارثة للأمة  سيندمون عليها ندماً شديداً.