•تثير التهديدات التي يواصل إطلاقها كبار المسؤولين على المستويين السياسي والعسكري ضد لبنان انطباعاً ظاهرياً، كما لو أن الحرب تقترب، ومعها تهديد حزب الله الصاروخي للجبهة الداخلية. لكن الحرب ليست على الأبواب، والوضع لم يتغير فعلاً. وحتى الآن لم يجرِ بناء أي مصنع إيراني لتطوير وإنتاج الصواريخ على أرض لبنان.
•في المؤسسة الأمنية يعرفون منذ وقت طويل مخططات إيران ونواياها، بشأن بناء مصانع للصواريخ الدقيقة، من أجل حزب الله. ولقد تسارعت هذه النوايا بصورة خاصة في أعقاب التطورات في سورية. وبحسب تقارير أجنبية، نجحت إسرائيل بواسطة هجمات دقيقة شنها سلاح الجو، في تدمير شحنات سلاح كانت في طريقها من إيران إلى حزب الله من سورية، ومنعت إقامة مخازن للسلاح ومصنع لإنتاج الصواريخ.
•تعتقد إيران أنها إذا بنت مصانع للصواريخ في لبنان، فإنها لن تقصّر فقط الطريق، وتتجنب تعقيدات لوجستية لتخزين السلاح ونقله من سورية، بل تستطيع أيضاً أن تقيم "مساحة محصنة". وتفكر إيران بأن إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة حزب الله، وبالتأكيد ليس بسبب مصنع، لأنها بذلك تخرق اتفاقات وقف إطلاق النار التي جرى التوصل إليها بعد حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو] 2006، وستخاطر في الدخول في حرب شاملة ضد التنظيم الشيعي، الذي يملك 130 ألف قذيفة وصاروخ ذات مدى قصير ومتوسط وبعيد، بينها بضعة صواريخ دقيقة.
•إن الجهود التي تبذلها إسرائيل سواء في سورية، من خلال الهجمات المنسوبة إليها، أو حيال لبنان، بمساعدة التهديدات، هي لمنع إيران من التمركز عسكرياً في هاتين الدولتين، ومنعها من بناء مصانع لإنتاج الصواريخ. ويبدو أن السياسة الإسرائيلية التي تمزج بين العمليات العسكرية والعمليات الدبلوماسية، بواسطة روسيا، ناجحة. حالياً، تحاول إسرائيل بواسطة التهديدات إرسال رسائل حادة مشابهة توضح من خلالها لحزب الله وإيران أنهما إذا استمرا في مشاريعهما، فإن إسرائيل لن تتردد في خوض حرب هذه المرة ضد الدولة اللبنانية كلها، بمن فيها الجيش اللبناني والحكومة التي يشارك فيها حزب الله، وليس فقط ضد التنظيم الشيعي كما جرى سنة 2006. والرسالة هي "إسرائيل ستعيد لبنان إلى العصر الحجري".
•هل إيران وحزب الله سيرتدعان عندما يدركان أنهما نجحا بمساعدة مخزون صواريخهما، والضرر الهائل الذي يمكن أن تسببه هذه الصواريخ للجبهة الداخلية الإسرائيلية، في بناء توازن ردع في مواجهة إسرائيل؟ ليس لدينا جواب على هذا السؤال. لكن وجهة النظر المنطقية تقول إنه عندما لا يكون لدى الطرفين رغبة في الدخول في حرب، فالافتراض هو أن الحرب ليست على الأبواب.