•إن التهديدات المتكررة التي يطلقها الرئيس ترامب، لا تستطيع تغيير خطوات من الصعب تحويلها عن مسارها. على سبيل المثال، تأمل الإدارة الأميركية أن ضغوطاً كلامية وعقوبات اضافية ستثمر ضغطاً كبيراً على الصين، وأن الصين بدورها ستضغط اقتصادياً على كوريا الشمالية. كل ذلك من اجل اجبار كيم جونغ أون على أن يفهم أن لا خيار أمامه: إما التخلي عن طموحاته في المجال النووي أو المخاطرة بزعزعة نظامه. ومن المفترض بهذه السياسة أن تظهر الإدارة الأميركية الحالية، وبخلاف الإدارة السابقة، مصممة على استخدام القوة العسكرية من أجل تحقيق أهدافها.
•لكن عملياً فإن اعلان وزير الخارجية الأميركي تيلرسون عن أن الولايات المتحدة تجري اتصالات مباشرة مع نظام بيونغ يانع، وقبل ذلك الوقت قول الرئيس ترامب إنه يشرفه الاجتماع مع زعيم كوريا الشمالية "بشروط معينة"، يدلان على أن الأميركيين أيضاً يدركون حدود القوة وبصورة خاصة المخاطر التي تنطوي عليها.
•من دون استعداد حقيقي للحوار، من غير الممكن تحقيق الهدف المرجو من الجهود التي تبذل لاحتواء المخاطر النابعة من حصول كوريا الشمالية على سلاح نووي. يعزز هذا النهج مواقف الدول المجاورة لكوريا الشمالية التي ترغب بحل سياسي للأزمة.
•علاوة على ذلك، يبدو أن الإدارة الأميركية امتنعت عن وضع خطوط حمراء أو شروط مسبقة للمفاوضات كي تسمح لنفسها بمرونة أكبر من دون أن تحدد مسبقاً مطالبها، وللحؤول بهذه الطريقة دون فشل مسبق. ثمة شك في أن يوافق كيم جونغ أون على تنازل كبير عن قدراته العسكرية، لكن من المحتمل ادراكه أن رئيس الولايات المتحدة مستعد لتقديم جواب معين على مخاوفه سيجعل من الأسهل عليه الامتناع عن الركض نحو تطوير قدرة نووية.
•إن الضغوط تحديداً، جنباً إلى جنب مع الحوار، يقويان إلى حد بعيد صورة الولايات المتحدة القوية، أكثر من التمسك بنهج القوة والعدوانية الذي من الصعب ضمان نجاحه في تحقيق الهدف، بالاضافة إلى أنه يطرح خطراً حقيقياً بحدوث تدهور وإلحاق الضرر بمصالح الولايات المتحدة وبمصالح حلفائها.
•في السياسة في مواجهة إيران أيضاً، امتنعت الولايات المتحدة حتى الآن على الرغم من التصريحات المتكررة للناطقين بلسان الإدارة الأميركية وعلى رأسهم الرئيس، من اتخاذ خطوات عملية، على الرغم من فرض عقوبات اضافية محدودة من المشكوك في فائدتها. وعملياً، امتنعت الإدارة الأميركية عن إلغاء الاتفاق النووي من طرف واحد، وعن اعلان تصنيف الحرس الثوري كتنظيم ارهابي، وتدل رغبة الإدارة الأميركية في صياغة اتفاقات مع حلفائها في أوروبا على معرفتها بقدرة الايذاء الكبيرة التي تملكها إيران، وعلى تخوفها من أن الخطوات الأحادية الجانب لن تحقق بالضرورة الردع، بل ستزيد من احتمال أن تتضرر مصالحها في الساحة الدولية.
•الذين يقولون إنه في الشرق الأوسط وحده "اظهار القوة" سيردع ويفرض التخلي عن طموحات سياسية استراتيجية، لا يأخذون في حسابهم أن هذا النهج سيجعل من الصعب على العناصر المعتدلة رفع رأسها، وسيعزز الحوافز لدى المتطرفين لمواصلة كفاحهم. وتبرز في هذا السياق الجهود التي تبذلها العناصر المتطرفة في إيران في عرض مواقف الإدارة الأميركية في اطار محاولتهم تقويض سياسة الرئيس روحاني.