•تدعو الحكومة المواطنين إلى التسلح، ونفتالي بينت يسير في جبل المكبر مع مسدس يعرضه متباهياً به، آخرون يتسلحون برذاذ الفلفل، أو لا يخرجون من منازلهم. الدولة تعيش حالة هلع. الحافلات في القدس خالية، وسائقو سيارات التاكسي لا يفتحون نوافذهم ويتخوفون من الذهاب إلى يافا، وجمهور يشارك في قتل مخربين أو في ضرب شخص بريء حتى الموت.
•إن أياً من هذه الأعمال لا يحمل ولا حتى نزراً قليلاً من حل لموجة الارهاب الحالية. وكلها رد فعل هيستيري تشجعه الحكومة بمساعدة قليلة من وسائل الاعلام. إن بضع عشرات أو مئات من السكاكين ومن الذين يستخدمونها للقيام بهجماتهم لا يقدرون على قوة عسكرية عظمى مثل إسرائيل. وهدف الإرهاب هو نشر الهيستريا والخوف، والصحيح حتى الآن أن هؤلاء الشبان الفلسطينيين نجحوا في مهمتهم.
•من مصلحة نتنياهو تضخيم الخطر والتحريض الذي هو بحسب رأيه سبب الأحداث. ففي نظرته السياسية وليس الأمنية، أنه كلما زاد الخوف ازداد الاعتماد عليه من أجل إعادة الإحساس بالقوة والأمان. كما أن حملة الترهيب تنجح في اتهام الفلسطينيين من أبو مازن (بموجة الإرهاب الحالية)، وحتى المفتي (بالمحرقة النازية)، وبذلك يستطيع نتنياهو التهرب من أي حل سياسي للمشكلة.
•هناك أسباب تستوجب خوف مواطني إسرائيل وقلقهم، لكن ليست السكاكين برغم وحشية مستخدميها، هي التي يجب أن تثير الخوف، ويجب أن يحل محل هذه الهيستريا تفكير هادئ عن حل أكثر جذرية للتهديدات الفلسطينية.
•نحن نعيش اليوم كابوساً، ليس بسبب السكاكين بل لأن العنف الذي يحدث اليوم هو تعبير عن واقع جديد لدولة ثنائية القومية، فالعنف يندلع بيننا وبين الفلسطينيين، لأنه، خلافاً لمصر والأردن، لا وجود هنا للحدود. وفي ضوء هذا الواقع ومن دون عملية سياسية جدية في اتجاه حل الدولتين، فإن الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم سيقاتلون من أجل استقلالهم. وفي ظل وضع حيث لا يوجد حدود، فإن التدهور الأخطر هو انضمام كثيرين من العرب في إسرائيل إلى النضال كما نشهد اليوم.
•ديموغرافياً نحن نعيش اليوم في دولة ثنائية القومية. اليوم يوجد بين البحر والنهر 52% يهود، و48% عرب، وبعد مرور خمسة أعوام سنصبح أقلية في بلدنا.
•يمكننا أن نتهم ليلاً ونهاراً، مثلما تفعل الحكومة ومن يقف على رأسها، أبو مازن وأحمد الطيبي بالمسؤولية عن الوضع. كما يمكننا أن نضيف إلى ذلك مسحة من العنصرية مثلما يجيد فعله بينت وليبرمان. لكن ماذا نفعل إذا كان الفلسطينيون ينظرون إلى ذلك بطريقة مختلفة، وإذا كانوا يؤمنون بأن من حقهم مقاومة الاحتلال. وفي أي حال فإن الديماغوجيا الحكومية لا تحمل حلاً.
•من دون عملية سياسية وسعي نحو الحدود الدائمة على أساس خطوط 1967، فإن الحكومة ستجرنا إلى مزيج من نضال قومي (فلسطيني) ونوع من حرب أهلية (من جانب العرب في إسرائيل ومن ضمنهم البدو) في واقع دولة ثنائية القومية.
•من المحتمل أننا تأخرنا في وقف التدهور الذي يهدد الأمن والمكانة الدولية، والذي قبل كل شيء يحطم هويتنا كدولة يهودية وديمقراطية. إن الذي بدأ بحوادث طعن منفردة يمكن أن يزداد حدة ويستمر سنوات طويلة. وهذا هو ما يثير القلق.