الجيش الإسرائيلي يتدرب على حرب السايبر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•سيناريو هجوم "سايبر" ضد إسرائيل: داخل قاعات محاضرات مجهزة بالحواسيب ومبردة وبريئة في الظاهر في قلب مدينة "رامات غان"، بعيداً عن غبار الدبابات في مناطق تدريب للجيش في الجنوب وعن فضاءات تدريب الدفاعات الجوية، يستعد جنود الجيش الإسرائيلي لحرب مغايرة. وهناك من يطلق على الحرب الصامتة هذه اسم حرب "السايبر". فقد بنى المتدربون المشاركون في دورة تدريب تحت عنوان "الحماية من السايبر" تنظمها شعبة التنصت، نموذج "سيم سيتي" (SimCity) افتراضي يتدربون فيه على تعطيل أنظمة تبريد في مفاعل نووي بهدف التسبب في انفجاره، وعلى السيطرة عن بعد على حركة قطارات وإشارات مرور بغية التسبب بحوادث سير، وعلى التحكم بحواسيب البورصة من أجل تغيير قيم المبادلات، وعلى قطع التيار الكهربائي، وإطفاء ردارات مطارات، وحتى على السيطرة على أنظمة صواريخ دفاعية مضادة للطائرات من أجل توجيهها ضد مدن هذه الأنظمة معدّة لحمايتها. وهكذا، فتح الجيش الإسرائيلي كوة صغيرة مطلة على الحرب المستقبلية.

•ومن جملة أهداف بناء النموذج المديني الافتراضي، أن يتدرب المشاركون فيه على إنشاء ترميزات (codes) معقدة ترمي إلى التحكم بأنظمة حواسيب من بعد. "أنهينا الدورة السابعة للحماية من السايبر أخيراً، وطوّرنا بشكل أفضل بكثير أساليب التعليم. واكتسب الجنود خبرات عديدة في أساسيات الهجوم، بغية فهم عقلية الطرف الثاني"، هذا ما قاله لنا الضابط المسؤول الرائد ج. المحاط بممثلي أجهزة حماية أمن المعلومات التابعة للجيش الإسرائيلي، والذي يختار بدقة كل كلمة ينطق بها: "في عملية الجرف الصامد [حرب غزة صيف 2014]، كانت هناك محاولات تعرض لبنى تحتية إسرائيلية، واستدعى الأمر تعاون جهات وهيئات عديدة من أجل إحباط الهجمات. أما اليوم فنحن أكثر فاعلية ولا ننتظر وقوع الهجوم".

•ويطلع أحد المدربين في الدورة وله من العمر 19 عاماً، المتدربين على هجمات "سايبر" مجهولة المصدر مثل فيروس "ستاكس نت" الذي ضرب مفاعلات نووية في إيران قبل بضعة أعوام: "هناك في العديد من الصناعات رابط معين بين جميع الأنظمة، حتى في المصاعد أو القطارات. وهكذا ضرب فيروس "ستاكس نت" مولدات الطاقة المستخدمة ضمن أجهزة الطرد المركزي في إيران.

•وبوصفنا جنود حماية من "السايبر"، فنحن نقوم بإعداد سيناريوات من أجل التصدي بواسطة المحاكاة الافتراضية لهجمات مشابهة، ونتدرب على استعادة السيطرة على منظومتنا التي تعرضت لهجوم، وأيضاً على تشكيل تهديد للطرف الآخر".

•وبحسب تقييمات الجيش الإسرائيلي، سوف يحاول حزب الله في حرب لبنان الثالثة، إطلاق صواريخ موجهة بنظام جي بي إس GPS أو طائرات انتحارية بلا طيار ضد أهداف استراتيجية مثل محطة توليد الطاقة الكهربائية "ريدينغ" في تل أبيب، بهدف قطع الكهرباء عن عشرات آلاف الأبنية في "غوش دان". وستكون منظومة "القبة الحديدية" أو منظومة "العصا السحرية" بالمرصاد على ما يبدو، من أجل اعتراض التهديد وتفجيره في الجو. أما على الأرض في جنوب لبنان، فسوف يتدرب المظليون على تدمير منصات إطلاق الصواريخ، وستتولى طائرات سلاح الجو تدمير منصات إطلاق أخرى. لكن ماذا يحدث عندما يكون التعرض لمرفق حيوي، قطري، سرياً وصامتاً وبدون أي سابق إنذار، ومفاجئاً بدون إطلاق حتى قذيفة صاروخية واحدة؟

•إن جنود الحماية من "السايبر" في شعبة التنصت يدركون جيداً أنهم يوم المواجهة لن يدافعوا فقط عن الأنظمة القتالية المحوسبة للجيش الإسرائيلي. صحيح أن الجيش الإسرائيلي المترابط عن طريق شبكات الحواسيب تحول إلى جيش أشد فتكاً وأكثر سرعة، ولكنه تحول أيضاً إلى جيش أكثر عرضة للهجوم. إن رئيس هيئة الأركان العامة يدير الحرب من مقر القيادة العسكرية [في تل أبيب] بواسطة برمجيات متطورة على شاشات عملاقة، في حين أن القائد العسكري الميداني يتابع المعارك عبر شاشة صغيرة كما لو كان يستخدم منظاراً عسكرياً. وتتابع شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") سلاح الجو، بينما يطلق سلاح المدرعات القذائف فقط بعد أن يظهر على الشاشة الموضوعة داخل الدبابة موقع تمركز المقاتلين. أما "العدو"، سواء كان إيران أو هاكر فلسطيني في أحد منازل قطاع غزة أو في كاراج في شيكاغو، فإنه يحاول تدمير الجيش الإسرائيلي من خلال كبسة زر واحدة.

•إن السياسة الرسمية في إسرائيل تقضي بأن يعمد كل مرفق حيوي ضروري لسير عمل الدولة سواء كان خاصاً أم عاماً، إلى الدفاع عن نفسه من هجمات "السايبر"، بموجب تعليمات جهاز الأمن العام ("الشاباك"). وهذا ما تفعله شركة كهرباء إسرائيل، وسلطة المياه، والمصارف، وحتى شركات الهاتف الخليوي. ولكن في حال أقدمت منظمة أو دولة على إدارة معركة سبرانية ضد إسرائيل، فإن وحدات الحماية من "السايبر" في الجيش لن تقف متفرجة.