الاتفاق النووي مع إيران – جيد لإسرائيل وسيئ لنتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إن خطاب نتنياهو هذا المساء أمام الكونغرس هو ثمرة فجّة لسياسة لا تعي ذاكرة أميركا مثيلاً لها من قبل. وهو وليد خطيئة العلاقة بين رئيس الكونغرس، الجمهوري الذي يمقت رئيسه، وزعيم دولة أجنبي مغرور لا يتردد قبل أسبوعين من الانتخابات في بلاده في استغلال الكونغرس لأغراض انتخابية. وعرّابا هذه الفضيحة [بوينر ونتنياهو] لا يترددان في تجاهل قواعد المسموح والممنوع في السياسة الأميركية وفي العلاقات بين الدولتين الحليفتين.

•فضلاً عن الشكل، فإن المضمون لا يقل إثارة للقلق. فمن المذهل قبول الرأي العام الإسرائيلي، بما في ذلك خصوم نتنياهو، من دون اعتراض، القول بأن الاتفاق النووي المنتظر مع إيران سيئ جداً، وذلك قبل إنجاز النص النهائي. فهل هذا الاتفاق سيئ بهذا القدر الذي يعرضه نتنياهو؟ صحيح أنه ليس الاتفاق الأمثل بالنسبة لإسرائيل، لكنه ينطوي على احتمال فائدة غير قليلة بالنسبة إليها. هناك بضعة أمور في الاتفاق تتطلب تحسيناً وتوضيحاً، لكنه في الإجمال تسوية معقولة. ومثل اي تسوية، فهو ينطوي على فرص ومخاطر وعلى حسنات وسيئات.

•وكما هو معروف فإن الشيطان يكمن دوماً في التفاصيل التي لم ينته البحث فيها بعد. لكن انطلاقاً مما أصبح معروفاً، فإن أغلبية الخبراء لا يرون في الاتفاق تسوية متوازنة فحسب، بل يعتقدون أنه من الصعب جداً التوصل إلى تسوية أخرى "أفضل".

•إن البديل عن الاتفاق هو شيء واحد: استمرار العقوبات، وانهيار الاتفاق الموقت، واستئناف التخصيب، وفي النهاية مواجهة عسكرية. ويجب أن يكون واضحاً للجميع أن أميركا (حتى الجمهوريون فيها) تفضل تسوية معقولة على مواجهة عسكرية.

•إن السيئة الكبرى في هذا الاتفاق بالنسبة لإسرائيل كونه لا يجرد إيران من ممتلكاتها النووية. لقد عاد نتنياهو إلى التلويح بمطلب "صفر تخصيب"، لكن الجميع يعرف أن هذا مطلب لفظي ليس له حظوظ سياسية أو أساس قانوني، كما انه لا يوجد له أساس في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. لكن على الرغم من هذه السيئة، فإن الاتفاق يخفض ممتلكات إيران النووية إلى مستوى أقل مما هي عليه في الاتفاق الموقت. صحيح أنه يعطيها شرعية أن تصبح دولة على عتبة النووي، لكن يجب ألا ننسى أنها أصبحت كذلك حتى قبل التوقيع على الاتفاق الموقت. وفي جميع الأحوال، فإن مسألة دولة على حافة النووي ولدت من "خطيئة سابقة" موجودة في المعاهدة نفسها التي تمنع تطوير سلاح نووي، لكنها لا تمنع بوضوح أعضاءها من أن يكونوا دولة على عتبة النووي.

•للاتفاق فضائل مميزة لا يجري الحديث عنها كثيراً في إسرائيل. فهو يبعد إيران عن الحصول على القنبلة من بضعة أسابيع كما كان الوضع في سنة 2012، إلى نحو سنة. والأهم من ذلك أنه ينشئ نظام رقابة وشفافية في إيران لفترة طويلة جداً تغطي سنوات جيل تقريباً. ومن بعدها سيكون وضع إيران النووي مثل وضع أي دولة غير نووية تلتزم منع انتشار الأسلحة النووية. قد لا يكون هذا مثالياً، لكن لكل حادث حديث.

•وعلى الرغم من علله، فإن الاتفاق المطروح ليس سيئاً بالنسبة إلى إسرائيل الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط (استناداً إلى الإعلام الأجنبي) لكنه سيئ جداً بالنسبة لنتنياهو. وتوقيع هذا الاتفاق سيمسح لسكان إسرائيل بالعيش خلال جيل أو أكثر من دون تهديد بخطر وجودي من جانب إيران، لكنه سينزع من نتنياهو علة وجوده كزعيم.