انهيار حل الدولتين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•سألني مراسل سياسي ألماني جاء إلى إسرائيل لتغطية الانتخابات السؤال التالي: "يبدو لي أن العالم كله باستثناء إسرائيل، مهتم جداً بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وبحل الدولتين. ولكن هذا الموضوع ليس مطروحاً على رأس جدول الاعمال في المعركة الانتخابية الحالية، فما هو السبب؟".

•أفترض أن أغلبية المعلقين السياسيين سيوافقون على أن سبب عدم احتلال حل الدولتين وتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين مكاناً مركزياً في المعركة الانتخابية يعود إلى أن أغلبية الإسرائيليين لا تؤمن بأن هذا الاتفاق ممكن التحقيق في المستقبل المنظور،  وتعرف أن محمود عباس لا يمثل جميع الفلسطينيين، وأنه لا يتسطيع التوصل إلى اتفاق باسمهم مع إسرائيل. علاوة على ذلك، هم يعرفون أنه بعد انسحاب إسرائيل من يهودا والسامرة [الضفة الغربية] ستدخل "حماس" إلى هذه المناطق، ومن المحتمل جداً أن تدخل "داعش" أيضاً، مما سيعرض للخطر التجمعات السكنية في إسرائيل.

•يبدو أن هذا هو أيضاً موقف حزب العمل الذي لا يُبرز حل الدولتين في حملته الانتخابية لأنه يعرف جيداً أن غالبية الإسرائيليين تعتبر مثل هذا الحل في هذه المرحلة مجرد أضغاث أحلام. لكن العالم الخارجي لا يفهم هذا الموقف ولا سيما الذين يحبون شعار "دولتين لشعبين" الذي ظهر في الماضي في إسرائيل وتبناه كثيرون خارجها. لا يدرك هؤلاء مغزى التغيرات التي طرأت على الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. وحل الدولتين الذي كان يبدو في السنوات الأخيرة في نظر الكثيرين بديلاً منطقياً وواقعياً، يبدو اليوم غير واقعي. 

•إن الذي شكل طوال السنوات الماضية موضوعاً للخلاف الأساسي بين الليكود والعمل - الطريقة الصحيحة لمعالجة القضية الفلسطينية- قد تراجع إلى ما وراء الستار، ومن المحتمل أن يعاود هذا الموضوع الظهور مجدداً في مرحلة ما في المستقبل. لكن يبدو أنه لا يوجد فرق كبير اليوم بين الحزبين، باستثناء بعض الخلافات الهامشية، فيما يتعلق بموضوعات الأمن، فالحزبان يعتبران  ان البرنامج النووي الإيراني هو الخطر الأكبر على إسرائيل، كما يريان أن الاتفاق الآخذ في التبلور بين الولايات المتحدة وإيران اتفاق سيئ بالنسبة لإسرائيل. أما مسألة ما إذا كان على نتنياهو قبول دعوة رئيس مجلس النواب الأميركي وإلقاء خطاب في الكونغرس، فهي مسألة ثانوية. ومن يعرف الأسس التي تستند إليها العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل يعرف أن هذه العلاقات ستبقى ممتازة في جميع الأحوال. والدليل على ذلك إذا كنا بحاجة إليه، هو بيع  طائرات إف- 35 جديدة لإسرائيل في هذه الأيام.

•إن التوافق في الآراء بين الليكود وحزب العمل في القضايا الأمنية هو أمر جديد لم يكن موجوداً. فزعماء حزب العمل هم الذي عملوا على تحقيق اتفاقات أوسلو التي انتهت بالفشل، وتحت قيادتهم جرت خيانة جيش لبنان الجنوبي والانسحاب من جانب واحد من المنطقة الأمنية [في جنوب لبنان] وفي أعقاب ذلك تعاظمت قوة حزب الله، ونشبت الانتفاضة الثانية وموجات الإرهاب التي ضربت المدن في إسرائيل، وازداد خطر الصواريخ والقذائف على سكان البلد. وكان هناك استعداد للتخلي عن هضبة الجولان، وعن يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لياسر عرفات. صحيح أن هذه الأحداث الماضية لا تحتل مكاناً مهماً في المعركة الانتخابية الحالية، إلا أنها تركت في قلوب الكثير من الناخبين انطباعاً بأن حزب العمل يتساهل في الموضوعات الأمنية. وإطلاق اسم "المعسكر الصهيوني" على تحالف العمل مع تسيبي ليفني محاولة مكشوفة لإصلاح هذه الصورة.

 

•وهكذا بقي ارتفاع أسعار الشقق السكنية وغلاء المعيشة وإدارة النفقات في منزل عائلة نتنياهو هي الموضوعات الأساسية في المعركة الانتخابية الحالية، وتُرك حل الدولتين بعيداً خلفهم.