•ثمة إجماع في الآراء حالياً على أن روسيا بزعامة بوتين تبحث، بعد أن استقرت داخلياً وازدهرت اقتصادياً في الأعوام القليلة الفائتة، عن طريق لاستعادة كرامتها الوطنية التي أهينت منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات، وللبروز على الحلبة الدولية باعتبارها دولة عظمى ذات نفوذ في مقابل الولايات المتحدة.
•لذا فإن روسيا تؤيد إيران، وتفشل الجهود الأميركية الرامية إلى الوقوف ضد تحولها إلى دولة نووية، كما إنها بدأت بتسيير دوريات جوية استراتيجية بعيدة المدى في اتجاه الدول الغربية، وتهدد وتذل وزيرة الخارجية الأميركية وما شابه ذلك. في الوقت نفسه يبدو أن هناك اتفاقاً على أن ما يحرك روسيا هو الخشية من المساس بأمنها القومي، علاوة على استعادة كرامتها الوطنية.
•إن هذه الخشية مرتبطة بخطوات تنظر روسيا إليها باعتبارها محاولات أميركية للمس بالأرصدة الاستراتيجية التي كانت في حوزة الاتحاد السوفييتي. ويدور الحديث على أوكرانيا التي بدأت تنهج سياسة موالية لأميركا وأصبحت معنية بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وكذلك على جورجيا التي تتبع بدورها سياسة موالية لأميركا وتسعى للانضمام إلى ذلك الحلف. كما يدور الحديث على قرار أميركا نصب صواريخ مضادة للصواريخ في تشيكيا وبولندا، الهدف منها مواجهة الصواريخ الإيرانية في المستقبل. وتنظر روسيا إلى هذا القرار باعتباره تهديداً مباشراً لها.
•إن روسيا بزعامة بوتين معنية بأن تتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضايا. وثمة اعتقاد أن إيران هي ورقة المساومة الرئيسية في يد روسيا. وهناك شك كبير في ما إذا كانت روسيا راغبة حقاً في أن ترى إيران نووية على حدودها الجنوبية.
•ما هو موقع إسرائيل في هذه اللعبة الكونية؟ إن إسرائيل هي لاعب صغير بطبيعة الحال، على رقعة الشطرنج العالمية، إلا أن اللاعبين الرئيسيين يعتقدون أن لديها "صندوق ذخيرة" استراتيجية لا يمكن منعها من استخدامه في حال شعرت أن وجودها أصبح مهدداً. وفي تقديري، لهذا السبب بالذات، هناك مصلحة للاعبين الكونيين الرئيسيين في منع الوصول إلى وضع من هذا القبيل، أي في منع تحول إيران إلى دولة نووية عسكرية.
•يعني ذلك أن إسرائيل ينبغي ألا تتخلى عن الاعتقاد أن اللاعبين الكونيين سيمنعون تحوّل إيران إلى دولة نووية، ولكن، من جهة أخرى، عليها أن تعد نفسها لاحتمال أن تبقى وحيدة وأن تضطر إلى العمل بمفردها.