هدف العملية الإسرائيلية في الأجواء السورية ترميم صورة الردع التي تضررت بنظر سورية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

•بعد العملية الإسرائيلية في سورية وما رافقها من تكهنات، راح البعض لدينا يردد مقاربة مؤيدة لسورية تقول شيئاً من قبيل ما يلي: سورية واقعة في أسر الدب الإيراني، إنها تتأرجح بين "محور الشر" و"محور الخير"، والرئيس الأسد راغب في سلام حقيقي مع إسرائيل، بل إنه مستعد للمجيء إلى القدس من دون شروط مسبقة، وينبغي مساعدته للتخلص من الدب ومن عالم الشر. يجب علينا أن نتحادث معه وأن نعطيه الأراضي التي يرغب فيها.

•بحسب رأيي هذه مقاربة مضللة من الأساس لأنها بعيدة عن فهم الشروط الأساسية لسورية وعن مفهوم الأمن القومي لديها. تقف في صلب المفهوم السوري، كما تبلور بصورة رئيسية منذ أن اعتلى حافظ الأسد سدّة الحكم عام 1970، مقاربة قائمة على دفع الأهداف القومية قدماً بواسطة القوة أو التهديد باستعمالها (من سورية مباشرة أو بواسطة "مبعوثين"). كانت ترجمة تلك المقاربة بالنسبة إلى إسرائيل اعتبار الجهد العسكري هو الأساس، بينما يعتبر الجهد السياسي والدبلوماسي مجالاً مساعداً تكمن وظيفته في تحسين ظروف الجهد العسكري أو في تمكين سورية من اجتياز فترات الأزمة الاقتصادية. بكلمات أخرى: على سورية أن تصل إلى موقع من القوة العسكرية يمكنها من أن تفرض "سلاماً سورياً" على إسرائيل يكون تفسيره العملي استعادة هضبة الجولان كلها من دون أي تنازل سياسي جوهري من ناحيتها. إن سورية وبمفهومها العنيف هذا هي أم "محور الشرّ" في الساحة العربية. 

•منذ نهاية الثمانينيات وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي أخذت سورية تنتهج مسارين أساسيين: الأول ـ المشاركة في لعبة العملية السياسية في مقابل الولايات المتحدة. الثاني ـ البدء في مقابل إسرائيل بعملية بناء قوة بعيدة المدى، تقوم أساساً على منظومة صواريخ ذات رؤوس حربية كيماوية تغطي أنحاء إسرائيل كلها.

 

•عندما اعتلى بشار الأسد كرسي الحكم عام 2000 واصل اتباع هذا المفهوم الأساسي. وقد فعل ثلاثة أمور أساسية: الأول ـ توثيق التحالف العسكري ـ الاستراتيجي مع إيران؛ الثاني ـ توثيق التعاون الاستراتيجي مع كوريا الشمالية إلى حد لم يكن قائماً في فترة والده؛ الثالث ـ توثيق التعاون مع حزب الله الذي بدأ يزوده بأنواع وكميات من الذخيرة امتنع والده عن تزويده بها. وفي هذه الأثناء وقعت ثلاثة أحداث رئيسية: الأول ـ سحب بشار الأسد، في لحظة ضعف، الجيش السوري من لبنان، وبهذا التصرف خان إرث والده، الثاني ـ بدأت روسيا بزعامة بوتين العودة إلى حلبة الشرق الأوسط ودعم المجهود السوري لبناء القوة العسكرية، الثالث ـ مسّت حرب لبنان الثانية، جزئياً، صورة الردع الإسرائيلية في نظر القيادة السورية. على ما يبدو هذه هي خلفية الاستراتيجية السورية، التاريخية والآنية، للعملية الإسرائيلية في الأجواء السورية. 

 

 

المزيد ضمن العدد 292