من المبكر الحديث عن إنجازات سياسية واستراتيجية في عملية "الجرف الصامد"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•بصورة عامة تُختبر نتائج المواجهة المسلحة على المستوى التكتيكي والعملاني والاستراتيجي. في هذه الأيام يحاول الطرفان: إسرائيل و"حماس"، التباهي بانتصارهما في عملية "الجرف الصامد" التي استغرقت 50 يوماً. 

•صحيح أنه جرى التوصل إلى وقف إطلاق النار، وأن إسرائيل و"حماس" لم ترفعا الراية البيضاء. لكن نظراً إلى كوننا لا نعرف ماذا كانت أهداف الطرفين في هذه الحرب، فمن الصعب أن نحدد ما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق. في إمكان إسرائيل أن تتباهى، وعن حق، بنجاحات "القبة الحديدية" في اعتراض الصواريخ التي حالت دون وقوع الكثير من الدمار والضحايا. كما تستطيع التباهي بنجاحها في تحديد مواقع الجزء الأكبر من البنية التحتية للأنفاق الهجومية وتدميرها قبل استخدامها بصورة جدية للوصول إلى مستوطنات غلاف غزة.

•لا أعرف كم هو عدد الصواريخ الموجودة لدى "حماس" الآن، لكن من الواضح أننا لم ننجح في إيقاف القصف، ولم ننجح في ضرب البنية التحتية للقيادة المحلية. وعلى الرغم من الدمار الكبير الذي لحق بالأحياء السكنية الفلسطينية، فإن السكان وبينهم مئات الآلاف من اللاجئين لم يضغطوا على زعماء "حماس" لطلب وقف إطلاق النار. ويجب ألا تُفاجأ إسرائيل بهذا الأمر، فنحن أيضاً نتوحد حول قيادتنا في أوقات الحرب.

•لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، لذا فمن المبكر الحديث عن إنجازات سياسية واستراتيجية، كما أنه من المبكر التطرق إلى انعكاسات القتال على مكانة إسرائيل في العالم. وعلى ما يبدو، فإن هذه الحرب كانت حرباً عادلة، إذ لا يوجد دولة في العالم تقبل بسقوط مئات الصواريخ وقذائف المدفعية يومياً على نصف أراضيها، من دون أن تبذل كل ما في وسعها لوضع حد لذلك. وإذا ما انتهت المعركة السياسية في غير صالحنا، فإن هذا سيكون إلى حد بعيد نتيجة أعمالنا، سواء كان ذلك بسبب استخدام "بروتوكول هنيبعل" في رفح، أو إعلان مصادرة 4000 دونم في غوش عتسيون واعتبارها أراضي تابعة للدولة.

•ثمة نقطة أخرى نميل إلى تجاهلها هي الثمن الاقتصادي للمواجهة. إن الثمن الذي سيتعين على "حماس" أن تدفعه من أجل إعادة إعمار غزة وتجديد مخزونها من السلاح: صفر [أي لا شيء]، لأن كل ذلك سيمول من إيران وقطر والسعودية ومن المساعدات الإنسانية التي ستقدمها الدول الغربية. وبهذه الطريقة موّلت الحركة إعادة الإعمار بعد عملية "الرصاص المصهور" و"عمود سحاب".

•لا نستطيع أن نعزي أنفسنا بأن الأضرار التي لحقت بالقطاع أكبر بكثير من أضرارنا، لأن علينا أن ندفع الثمن الكامل للنفقات التي صُرفت على القتال وللضرر الذي سيلحق بالمداخيل نتيجة لذلك. وهذه مشكلة سياسية، لأن الجمهور الإسرائيلي دعم وتعاطف مع مقاتلي الجيش الإسرائيلي ومع سكان "غلاف غزة"، وهو سيدفع ثمن ذلك قبل الانتخابات المقبلة.

•إن عملية "الجرف الصامد" هي المواجهة العسكرية السادسة لإسرائيل التي تخوضها ضد قطاع غزة منذ الانفصال سنة 2005. وفي هذه المنطقة، على الأقل، نخوض مواجهة نحن فيها من دون شك، الطرف الأقل تفوقاً.