•حتى لو لم تتم زيادة ميزانية الدفاع للعام 2015 بشكل دراماتيكي، فإن مليارات الشيكلات ستتدفق إلى قيادة أركان الجيش الإسرائيلي لتغطية تكاليف معارك الصيف في قطاع غزة. ويمكن افتراض أن المؤسسة العسكرية ستقوم بزيارات إلى الصناعات العسكرية بهدف شراء أسلحة وفي جعبتها الكثير من المال ولن تعود بسلة فارغة. وتزداد قائمة التسوق طولاً بقدر ما يطول أمد القتال في الجنوب.
•كان توقيت القتال في جنوب إسرائيل وفي محاذاته، ملائماً جداً للصناعات العسكرية في إسرائيل. فقد دأب الرؤساء التنفيذيون والمدراء الماليون على تحميل مسؤولية الأداء الضعيف وتدني إيرادات [شركات الصناعة العسكرية] إلى الركود الذي يعاني منه سوق السلاح العالمي، وإلى تحسن سعر صرف الشيكل مقابل الدولار، والمنافسة الحادة في كل مناقصة، وتغيّر الأولويات في الأسواق التقليدية مما يؤدي إلى خفض كبير في ميزانيات مشتريات الأسلحة، وبالتالي إلى حالة من الركود في هذا القطاع. وتحوّلت كل صفقة بيع أسلحة إلى منافسة لا ترحم بين الشركات المتنافسة على كل مناقصة، ولا سيما بين الشركات الكبيرة. وتعبّر البيانات المالية لبعض الصناعة العسكرية الإسرائيلية عن هذه الحقيقة بوضوح. وجاء على لسان مصدر رفيع في شركة كبيرة ما يلي: "يصعب معرفة ما إذا كانت الحملة العسكرية الحالية في الجنوب جيدة لهذه الصناعة في المدى القصير. لكن على المدى المتوسط والبعيد، سلطت العملية الدائرة في قطاع غزة الأضواء على القدرات [الصناعية العسكرية] التي يجري تطويرها هنا. كما أن الانتقال من المصنع إلى ساحة القتال مفيد جداً لهذه الشركات".
•سيترتب على الجيش الإسرائيلي عقب الحرب تجديد مخزون السلاح لديه. ففي بداية الحملة العسكرية في الجنوب، فُتحت مخازن الطوارئ وجرى استنفاد المخزون، وشهد الطلب على الصواريخ وقذائف المدفعية وذخائر الأسلحة الخفيفة وما إلى ذلك، ارتفاعاً حاداً. وفي الأشهر التي ستعقب نهاية القتال، سيقوم الجيش الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية بتحليل كل معركة من معارك الحملة العسكرية بهدف استخلاص النتائج وإغلاق الفجوات. وسيكلف هذاالإغلاق للفجوات مليارات الدولارات. ومن الواضح أنه ستنفق مبالغ كبيرة في المستقبل القريب بحثاً عن حل للأنفاق الهجومية المكتشفة إبان الحملة العسكرية الحالية. وقريباً ستُجري المؤسسة العسكرية بالتنسيق مع إحدى شركات الصناعة العسكرية الكبرى، تجربة مهمة لمنظومة أسلحة مُصمَّمة للكشف عن مثل هذه الأنفاق. وإذا ثبت نجاحها، سيكلف نشر المنظومة في الميدان أكثر من ملياري شيكل جديدين، من دون احتساب نشرها على طول الحدود مع لبنان.
من الكساد إلى الازدهار
•سيتوجب على وزارة الدفاع أيضاً سد الثغرات فيما يتعلق بتدريع ناقلات الجنود. فعلى الرغم من التهديد الذي تتعرض له ناقلات الجنود منذ سنوات عديدة، لم يُستكمل التزوّد بآليات مدرعة بشكل كافٍ. وسلطت المعركة التي خاضها لواء غولاني في حي الشجاعية في بداية العملية العسكرية البرية في قطاع غزة، حيث سقط سبعة جنود قتلى من جراء إصابة ناقلة جنود مدرعة من طراز (M-113) APC القديم المفتقر إلى التدريع الملائم، الضوء على ضرورة توسيع استخدام الآليات الشديدة التدريع. ويمتلك الجيش الإسرائيلي مئات من ناقلات الجنود المدرعة القديمة الطراز هذه، ويعود السبب إلى التزود المحدود نسبياً بناقلات الجنود القوية التدريع والمتطورة من طراز نَمير (Namer). وفي الماضي، امتنعت وزارة الدفاع عن تنفيذ خطة تقضي بتدريع آلياتها بهدف إطالة عمرها وتطوير قدرتها على مقاومة جملة من التهديدات الميدانية من جراء مقيّدات الميزانية. وتجدر الإشارة إلى أن هناك شركة صناعة عسكرية إسرائيلية قادرة على القيام بهذا العمل. ومن المثير للاهتمام متابعة سياسة المؤسسة العسكرية حيال هذه المسألة تحضيراً لمواجهة الجيش الإسرائيلي القادمة.
•استناداً إلى مصدر كبير في إحدى شركات الصناعة العسكرية: "يثبت التاريخ أن كل شيء هنا ينتقل من أقصى طرف إلى أقصى الطرف الآخر. فقد انتقلنا من وضع كان خلاله الصنبور مغلقاً في وجه شراء منظومات أسلحة، إلى وضع إنفاق مليارات على المشتريات. حتى الفترة الأخيرة، كانت وزارة الدفاع تدين بمليارات الشيكلات لشركات الصناعة العسكرية. والتوجه السائد كان نحو زيادة ميزانيات التعليم والرعاية الاجتماعية، وتقليص ميزانية الأمن. لكن يبدو أن الواقع يثبت أن جميع هذه الأمور استثمارات ضرورية."
•واعترف مصدر كبير في شركة صناعة عسكرية أُخرى بأن "شركات الصناعة العسكرية ستكون الرابح الأكبر من العملية العسكرية في قطاع غزة. وستستفيد الصناعات العسكرية بمجملها بلا استثناء، من الإيرادات الناجمة عن التطور الجديد. لكن في نهاية المطاف، فإن فوائد هذا التنشيط ستنتقل إلى الصناعات الأخرى في إسرائيل. ومن المرجح ولادة مفهوم أمني جديد في قطاع غزة، في الأساس، بسبب تهديد الأنفاق. وسيحتاج الجيش الإسرائيلي بالتأكيد إلى أنظمة لكشف الأنفاق، وإلى أنظمة جديدة فوق سطح الأرض على طول الحدود. وإذا كانت الحملات العسكرية السابقة، ولا سيما حرب لبنان الثانية، عاملاً مسرّعاً لتطوير نظام "تروفي" [معطف الريح] لحماية الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، فإن الحملة العسكرية على قطاع غزة ستكون عاملاً مسرعاً لتطوير تكنولوجيات لم تشهدها أي من ساحات القتال في العالم. وستساهم هذه التكنولوجيا في جمع أموال طائلة للشركات، خصوصاً عندما يتم بيعها في جميع أنحاء العالم".
الحرب بوصفها ميدان اختبار
•يوجد كم هائل من الأموال في العالم. وعندما يتسلح الجيش الإسرائيلي بأنظمة أو بسلاح جديد، فإن هذا بمثابة أكبر عملية ترويج لهذا المنتج. لقد طوّرت شركة "الصناعات العسكرية الإسرائيلية" (IMI) في الأعوام الأخيرة قذيفة دبابة دقيقة التسديد استخدمت بكثافة إبان عملية "عمود سحاب" [2012]. وهذا سيسهّل عملية تسويقها عالمياً لأنها اختبرت في المعركة. وبحسب قول مصدر كبير في شركة صناعة عسكرية: "نحن نعيش في حقل تجارب. ويجري تقييم منظوماتنا باستمرار في ميدان القتال تحت أنظار العالم. والدول التي تواجه تهديداً مشابهاً للتهديد الذي تواجهه إسرائيل، تأتي إلى هنا لتعلم مفاهيم جديدة، ولمشاهدة أداء الأسلحة، ولشرائها أيضاً. ليس لدى شركات الصناعة العسكرية [العالمية] اليوم استعداد لتوظيف رؤوس أموال كبيرة في أعمال البحث والتطوير، ولذا هي تفضّل شراء منظومات أسلحة منا، أو القيام بمشاريع مشتركة مع شركة إسرائيلية بوصفها شركة مقاولات مساعدة. وما بدأ كمواجهة محدودة في قطاع غزة سينتهي بصفقات مربحة في السوق العالمية".
•من الواضح أن الصناعات العسكرية الإسرائيلية غير مهتمة بالإدانات الموجهة إلى إسرائيل من جانب بعض الدول في أعقاب المواجهات في قطاع غزة. فقد صدرت مثل هذه الإدانات إبان جولات القتال السابقة. وعلى سبيل المثال سجلت في الأيام الأخيرة عمليّتا اقتحام لمصنعين تابعين لشركة "إلبيت سيستمز" (Elbit Systems Ltd) في بريطانيا وأستراليا من متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين. وفي الحالتين، تعطل سير العمل في المصنع بضع ساعات. لم يحدث ضرر فعلي، وحصل المتظاهرون على الصور - الفرصة التي أرادوها، ووضعوا الصور على "تويتر" ثم غادروا.
•عندما يتعلق الأمر بخبرة ودراية مصدرها إسرائيل، لا تبدي الدول، حتى المعادية لإسرائيل ظاهرياً، استعجالاً لقطع الجسور. وبحسب قول مصدر كبير في إحدى شركات الصناعة العسكرية: "هناك مفارقة متمثلة في أن الدول التي تديننا في العلن، تتعاون معنا في السر في تجارة الأسلحة، ليس حباً بنا أو إيماناً بالدولة اليهودية، وإنما بسبب حاجتها تحديداً إلى أنظمة السلاح التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي حالياً في قطاع غزة".