•في الأسابيع الأخيرة انتهجت "حماس" تكتيكاً بسيطاً. فقد أبدت استعدادها للتفاوض مع إسرائيل وواصلت إطلاق الصواريخ. وفي موازاة المحادثات في القاهرة واستعدادها التكتيكي للقبول بهدنة إنسانية، رفضت "حماس" تهدئة شاملة وواصلت هي أو تنظيمات تعمل بضوء أخضر منها، إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
•لقد افترضت "حماس" أن الإسرائيليين تعبوا وأن القيادة الإسرائيلية تريد التهدئة بأي ثمن. واعتقد زعماء الحركة أنه ليس لديهم ما يخسرونه من مواصلة إطلاق النار، وأنهم سينجحون في النهاية في تركيع إسرائيل والحصول على ثمن باهظ مقابل إنهاء القتال. لكن هذا التكتيك لم ينجح. فقد رفضت إسرائيل الرضوخ لإملاءات "حماس" وردّت على معاودة إطلاق النار بدقة وعنف بما فاجأ قادة الحركة. وفي الواقع، فإن اغتيال ثلاثة قادة من "حماس" أمس، إلى جانب محاولة اغتيال محمد ضيف، دليلان على أن "حماس" في نهاية الأمر هي التي تستنزف نفسها.
•تواجه "حماس" في اللحظة الراهنة مشكلة صعبة، فالاستمرار في إطلاق الصواريخ ورفض الوقف الدائم والثابت لإطلاق النار سيؤديان إلى تدهور القطاع نحو حرب استنزاف لا تستطيع "حماس"، وليس إسرائيل، تحملها. فكل يوم يمر يؤدي إلى تراجع قدرتها العسكرية وتضاؤل مخزونها الصاروخي، ويقلص قيادتها العسكرية. في المقابل، يبدي المجتمع الإسرائيلي قدرة على التحمل ونضجاً مدهشين، مما يمنح الزعامة في إسرائيل القدرة على المناورة كي تفرض على "حماس" شروطها. والمطلوب اليوم من الجمهور الإسرائيلي القليل من الصبر وضبط النفس. أما المطلوب من القيادة الإسرائيلية فهوعدم ارتكاب أخطاء وألا تضيّع لحظة.
•تتصرف "حماس" اليوم مثل حيوان جريح ينزف، وهي ما تزال قادرة على مهاجمة إسرائيل، لكنها لن تستطيع بهذه الطريقة تغيير مسار الأحداث. وقد وقعت في فخ حرب الاستنزاف الذي نصبته لإسرائيل، وتنتظر الآن من ينقذها، ربما مصر أو أبو مازن أو الأميركيون، لكن هذه المرة إسرائيل هي التي ستفرض شروطها.