الإسرائيليون والأميركيون إخوة في السلاح لكن ليس بأيّ ثمن
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•معركة رفح التي دارت يوم الجمعة قبل أسبوعين واستمرت ساعة ونصف الساعة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، كانت بالنسبة إلى البيت الأبيض إحدى النقاط الأكثر أهمية في الحرب التي استمرت شهراً في قطاع غزة. وقد فوجئ موظفو الإدارة الأميركية في ذلك النهار مرتين.

•المفاجأة الأولى كانت خرق وقف النار الذي أعلنه وزير الخارجية جون كيري قبل ساعات، وخطف الضابط في الجيش الإسرائيلي هدار غولدِن الذي شكل صدمة للأميركيين. وكانت ردة الفعل الأميركية خلال الساعات الأولى التي تلت الحادثة الإعراب عن التأييد العلني والقوي لإسرائيل بما في ذلك من قبل الرئيس أوباما نفسه.

•أما المرة الثانية التي أصيب فيها كبار الموظفين في الإدارة بصدمة فهي عندما بدأ يتضح لهم حجم الدمار وعدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين نتيجة تطبيق بروتوكول هنيبعل داخل مدينة مكتظة سكانياً. ويروي مسؤول أميركي رفيع أن التقارير التي تحدثت عن استخدام إسرائيل الكثيف للمدفعية والدبابات والقصف الجوي، روّعت البيت الأبيض.

•امتنعت الإدارة الأميركية في ذلك اليوم عن التعليق علناً، لكنها أرسلت رسالة حادة إلى ديوان رئيس الحكومة عبر قنوات ديبلوماسية. في الأيام التي تلت ذلك وقصفت خلالها منشآت تابعة للأونروا كانت تؤوي مئات المدنيين، صدرت بيانات أميركية تدين إسرائيل مستخدمة لهجة هي الأقسى خلال السنوات الأخيرة.  

•أوصل "يوم الجمعة الأسود" في رفح الإحباط الأميركي إلى الذروة بسبب الأساليب التي تستخدمها إسرائيل في غزة ونتيجة عجز الولايات المتحدة عن التأثير على حليفتها. ويعكس قرار البيت الأبيض تعليق شحن صواريخ طوافات الأباتشي، الذي كشفت عنه مجلة "وول ستريت جورنال"، أن الأميركيين قرروا الانتقال من الكلام إلى الأفعال في محاولة للجم القوة الإسرائيلية في غزة وما تلحقه من الضرر بالمدنيين.

•بالأمس أكدت وزارة الخارجية في واشنطن تشديد إجراءات الرقابة على شحن السلاح والذخيرة إلى إسرائيل. وهكذا، فإن جميع الطلبات ستدرس بدقة وستستغرق الإجراءات البيروقراطية ساعات إضافية تبطئ وتيرة شحن العتاد العسكري. 

•في المدى المباشر لن يكون لهذا القرار انعكاس على قدرة الجيش الإسرائيلي، لكنه سيؤدي إلى إلحاق أذى سياسي كبير بإسرائيل.

•لقد رسمت الخطوة الأميركية خطاً أحمر إزاء كل ما يتصل باستخدام القوة في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وأوضح الأميركيون أنهم يؤيدون حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، لكن ليس بأي ثمن. والرسالة التي أراد أن يمررها البيت الأبيض إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع هي أن علاقة إسرائيل الجيدة بالصناعة العسكرية الأميركية لم تعد من غير شروط وتعهدات.

•إن قرار البيت الأبيض نموذج جديد لما يشكله التصعيد في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وجمود عملية السلام من خطر على الأمن القومي لإسرائيل. وفي الواقع فإن الولايات المتحدة هي واحدة من بين عدة دول حليفة لإسرائيل ألمحت إلى استيائها من السياسة الإسرائيلية حيال الفلسطينيين من خلال تجميد تزويدها بالسلاح.

•فقبل بضعة أشهر رفضت ألمانيا إعطاء إسرائيل قرضاً قيمته مئات الملايين من اليورو من أجل شراء زوارق صواريخ متطورة للدفاع عن منشآت الغاز بسبب انهيار عملية السلام واستمرار البناء في المستوطنات. وخلال الحرب على غزة أعلنت إسبانيا تقليص الصادرات الأمنية إلى إسرائيل احتجاجاً على الإصابات بين المدنيين. وفي بريطانيا أدت الحرب في غزة إلى خروج موجة من التظاهرات المعادية لإسرائيل وإلى مواجهة سياسية عنيفة داخل الائتلاف الحكومي. وكانت النتيجة صدور قرار يقضي بدراسة شاملة لسياسة بيع السلاح إلى إسرائيل، وتجميد 12 رخصة لصادرات أمنية بينها قطع لدبابات ميركافا وللطائرات من دون طيار.

•ما تزال إسرائيل بعيدة عن أن يُفترض حظر على السلاح ضدها، لكن التوجه واضح وليس مشجعاً. ومن يبحث عن نموذج لما قد يحدث يستطيع النظر إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد المستوطنات والتي ازدادت في السنوات الأخيرة. 

•لقد أدت الحرب على غزة إلى المزيد من تدهور مكانة إسرائيل الدولية وساهمت في عزلتها. ويتعين على الحكومة بعد الحرب القيام بخطوة سياسية تكبح هذا التدهور، لكن يبدو أنها غير قادرة على ذلك.