"حماس" تحاول تحسين موقعها وقد تمضي في التصعيد لكنها لا ترغب بمواجهة شاملة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

•خلال ساعات بعد ظهر اليوم، أول يوم جمعة في رمضان المخصص عادة لأعمال شغب، سيكون بإمكاننا أن نعرف ما هي وجهة الأمور. هل هي نحو مزيد من التصعيد يمكن أن يؤدي إلى عملية عسكرية كبيرة، أو إلى التهدئة النسبية. هذا عائد إلى ما قد تفعله "حماس".

•ثمة حدثان منتظران بعد الظهر، فبعد الانتهاء من الصلاة في المساجد سيخرج مليونا فلسطيني صائمين تملؤهم الحماسة الدينية إلى الشارع، ومن بعدها فوراً سيحدث تشييع الفتى أبو خضير الذي قتل، وهو من بيت حنينا.

•حتى الآن ليس لدى الشاباك والشرطة معلومات موثوقة تتعلق بالجهة التي قتلت أبو خضير، لكن الفلسطينيين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] مقتنعون بأن الجريمة من صنع المستوطنين ولا شيء سيجعلهم يغيّرون رأيهم. في الواقع، فإن مقتل الفتى الفلسطيني كان الشرارة التي أشعلت منطقة القدس وقطاع غزة.

•لكن الأسباب الأساسية للحريق الحالي هي وضع "حماس" الصعب، فهي تعاني فقدانها القدرة على الحكم، وضائقة اقتصادية صعبة في غزة، أضف إلى ذلك الضربات التي وجهت إليها في الضفة وبصورة خاصة الضربات التي تلقتها بنيتها التحتية في أعقاب عملية الخطف.

•لقد تسبّب الخطف في مفاقمة وضع "حماس" في الساحة الداخلية الفلسطينية، وأدى إلى ابتعاد المصالحة الفلسطينية مع أبو مازن، وفي الوقت عينه أيضاً ابتعاد إمكانية دفع رواتب نحو 43 ألف موظف في إدارة "حماس" في القطاع.

•لا ضرورة لتعداد كل المصائب التي تعاني منها "حماس" والتي تفاقمت كثيراً منذ عملية الخطف الفاشلة وعثور الجيش والشاباك السريع على جثث المختطفين. لكن من وراء الكواليس تأمل "حماس" من خلال التصعيد والوساطة المصرية، بإعادة خلط الأوراق من جديد وتحسين موقعها. وشكل مقتل الفتى الفلسطيني فرصة بالنسبة اليها وأعطاها شرعية كي تقصف غربي النقب والمضي حتى حافة الهاوية، خاصة لأنها ليس لديها ما تخسره.

•وكما ذكرنا، فإن هيبة "حماس" وذراعها العسكرية كانتا في مرحلة انحدار ليس لها مثيل قبل يومين، واليوم تحاول الذراع العسكرية، كتائب عز الدين القسام، تغيير وجهة الأمور من أجل كسب المكانة التي كانت للحركة وسط الشارع الفلسطيني.

•لا ترغب القيادة السياسية لـ"حماس" ابتداء بخالد مشعل الذي يقيم في قطر وحتى إسماعيل هنية الذي يحاول التمسك بالسلطة في غزة، في حصول عملية عسكرية إسرائيلية ثالثة قد تنتهي بانهيار "حماس". لكن على ما يبدو، فإن الذراع العسكرية للحركة لم تعد تطيع أوامر القيادة السياسية، وهي تملي اليوم مسار الأمور والتصعيد على أمل استرجاع هيبتها بضرب إسرائيل والتوقف في الدقيقة الأخيرة التي تسبق دخول إسرائيل الحرب.

•على الرغم من ذلك، يجب ألا ننسى أن الزعامة السياسية والعسكرية للحركة تعمل في ظل قوى كابحة شديدة التأثير. فهناك أولاً النظام المصري للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لا يرغب الآن بالتصعيد، ويسعى بقوة إلى لجم "حماس" وحلفائها. وهناك ثانياً تخوف "حماس" من أنها حتى لو نجحت في التسبب بأضرار كبيرة لغوش دان في المواجهة الكبيرة التي قد تنشب، فهي في نهاية الأمر تعتمد على إسرائيل في البقاء على قيد الحياة. فإذا قررت إسرائيل فرض الحصار عليها وعدم تزويدها بالوقود والمواد الغذائية ومواد البناء عبر المعابر فإن القطاع وببساطة، سيصبح عرضة للموت البطيء، ولا سيما أن المصريين لا يوافقون على فتح معبر رفح أكثر من ساعات قليلة ولبضعة أيام كي لا تقوم "حماس" بمساعدة حركتها الأم من الإخوان المسلمين في مصر.

•في ظل هذا الوضع، فإنه حتى الأكثر تحمساً في "حماس" وسائر الفصائل الأخرى يدرك أن المواجهة الكبيرة مع إسرائيل سوف تنتهي بالفشل. وهم يعلمون أن إسرائيل تنوي ليس فقط تدمير كل ما يمكن تدميره بل هي تريد القضاء على الترسانة الصاروخية البعيدة والقصيرة المدى التي تملكها الحركة والجهاد الإسلامي الفلسطيني. 

•حتى الآن تنحصر الاضطرابات في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في منطقة القدس، وثمة احتمال كبير ألا تتعداها. ومن هنا، فمن المحتمل أن تهدأ الأمور حتى لو حدثت تظاهرات صاخبة في سائر المدن وليس في القدس فقط، وفي مخيمات اللاجئين في شتى أنحاء الضفة. لكن ذلك سيحدث بشرط ألا تقتل قوات الأمن أحد المتظاهرين خلال عمليات التصدي لأعمال الشغب التي قد تنشب خلال تشييع الفتى أبو خضير أو بعدها. فكل قتيل فلسطيني يسقط في يوم الجمعة من رمضان سيزيد في رفع درجة الحريق المشتعل بصورة كبيرة بحيث يمكن وصفه بانتفاضة ثالثة. فالشارع الفلسطيني اليوم حساس ومتفجر، ليس فقط بسبب رمضان، بل بسبب المواجهات التي نشبت منذ خطف ومقتل الشبان الإسرائيليين، وبسبب تحريض "حماس" المستمر.

•لقد كان هذا هو الموضوع الأساسي المطروح على جدول أعمال المجلس الوزاري المصغر، لكنه لم يكن الوحيد. فقد عقد المجلس أربع جلسات منذ العثور على جثث المفقودين للبحث في ردود ذات طابع سياسي على الجريمة مثل بناء موقع استيطاني جديد، وتكثيف البناء في المستوطنات، وسائر المسائل التي تغضب "حماس" وزعامتها.

 

•وبسبب مقتل الفتى الفلسطيني جرى البحث بجدية في الردود إذا لم يعد الهدوء حتى مساء الجمعة أو صباح السبت. وجرّاء وساطة مصرية قام الجيش بتحريك قوات محدودة من سلاح المدرعات والمشاة وجنّد حتى بضعة عشرات من جنود الاحتياط. ويجري هذا كله للإيحاء لـ"حماس" بأن الجيش يخطط جدياً للقيام بعملية عسكرية كبيرة في حال لم يتوقف القصف على غربي النقب. وقد وصف ضابط كبير ما يجري قائلاً: "إذا كانت حماس تريد الحرب، فستحصل عليها".