نتائج وخيمة للإجراءات التي تقوم بها إسرائيل ضد "حماس"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·      إذا كان يمكن تبرير اعتقال نحو 200 عنصر من "حماس" ضمن إطار السعي إلى تحديد مكان مختطفي الشبان، فإن المنطق الذي يكمن وراء الرغبة في إبعاد قيادة الحركة إلى غزة، ومعاقبة أسراها لا يبدو واضحاً للعيان. فحتى الآن ليس هناك دليل قاطع على أن "حماس" هي المسؤولة عن الخطف- باستثناء تصريحات رئيس الحكومة. وعلى الرغم من أن التنظيمات الثلاثة التي سارعت إلى إعلان مسؤوليتها عن عملية الاختطاف لا علاقة لها بـ"حماس"، فإنه يبدو أن الحكومة تحاول للمرة الثالثة "القضاء على البنية التحتية للإرهاب" في المكان الخطأ.

·      إن هذه الأساليب فشلت في عملية "الرصاص المصهور" وعملية "عمود سحاب"، كما أنها لم تعط النتجية المرجوة بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت كبار قادة "حماس" إبان الانتفاضة الثانية. وهذه المرة أيضاً، فإن طرد قادة كبار ومتوسطي الأهمية في زعامة "حماس" من الضفة، لن يحقق الذي لم يتحقق حتى الآن. فقد أثبتت الحركة في كل مرة قدرتها ليس فقط على الصمود، بل على إعادة بناء مخزونها البشري من جديد. وثمة شك كبير في الأهمية الاستخباراتية لإبعاد هؤلاء المسؤولين إلى غزة. فما داموا في الضفة فإنهم يخضعون إما لمراقبة الشاباك المشددة- الذي استطاع في طرفة عين أن يحدد مكانهم ويعتقلهم- أو القوى الأمنية في السلطة الفلسطينية. أما في غزة فسيتسفيدون من البنية التنظيمية والسياسية، وستكون لهم حرية تحرك أكبر بكثير.

·      كذلك، فإن تشديد ظروف الاعتقال - بغض النظر عن المواقف الأخلاقية والإنسانية- من شأنها أن تكون وخيمة العواقب. فالتعاطف مع الأسرى السياسيين الذي برز في إضراب المعتقلين الإداريين عن الطعام وانضم إليه أسرى محكوم عليهم، من المحتمل أن يحدث تمرداً في السجون يؤدي إلى تدخل دولي. كما أن الانتقادات في العالم ضد التغذية بالإكراه ستزداد ويمكن أن تصل إلى حد تقديم شكوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية.

·      ولكن يبدو أن الهدف الأساسي للعقوبات ليس عقابياً فقط، بل هو جزء من رزمة تهدف إلى تصوير "حماس" تنظيماً إرهابياً، وأن المصالحة مع "فتح" لم تغير طبيعتها، وصولاً إلى التسبب بفك الشراكة بين "فتح" و"حماس"، وإلى إقناع مصر بعدم فتح معبر رفح كبادرة تقدير لتأليف حكومة الوحدة، وإلى وقف انجرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نحو تلك الحكومة.

·      وجميع هذه الأهداف لا علاقة لها بالعثور على المختطفين أو بعملية الخطف التي شكلت فرصة بالنسبة للحكومة. لكن هذه الفرصة لا تبدو قاعدتها صلبة. فمن المفارقات أنه على الرغم من المصالحة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، فإن السلطة واصلت تعاونها بصورة جدية مع الجيش الإسرائيلي، وفق ما قاله ضابط كبير للمراسلين. وطوال أيام الخطف لم تطلب "حماس" من السلطة التوقف عن التعاون أو قطع صلاتها بإسرائيل. وهذا الموقف جزء من الاستراتيجية التي دفعت بالحركة إلى المصالحة.

·      في هذه المرحلة يعتقد عباس أن المصالحة لا تعيد غزة إلى سلطة موحدة فحسب، بل يمكن أن تحول "حماس" إلى حزب شرعي، وتعزز المطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. ووحدها المصالحة تمنحه وسيلة يستطيع أن يواجه فيها من يتهمه بالتعاون مع إسرائيل.

·      إن السؤال المطروح اليوم هو كيف سيرد الجناح العسكري في "حماس" والجهاد الإسلامي على "التعديات الإسرائيلية الجديدة"؟ 

·      إن التهدئة بين غزة وإسرائيل لا تزال قائمة، لكن في إمكان التنظيمين التسبب بانهيارها إذا شعرا بأن القيادة السياسية والمصالحة تمنحان إسرائيل حرية العمل ضدهما.

 

المزيد ضمن العدد 1915