المعركة في القنيطرة بين قوات الأسد وثوار المعارضة مهمة جداً بالنسبة لإسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      متى ستقع المعركة على القنيطرة؟ هذا هو السؤال الذي يشغل بال الكثيرين في سورية كما يظهر من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. ونظراً إلى أهمية التغييرات التي يمكن أن تؤدي إليها هذه المعركة على حدود إسرائيل الشمالية، فإن هذا السؤال يجب أن يثير أيضاً اهتمام القيادة الأمنية الإسرائيلية.

·      كثيرة هي الأحاديث والمدوّنات التي تصف القنيطرة بأنها "المعقل الأخير قبل دمشق"، ويمكن من خلال الصور التي تنشر ملاحظة حركة جديدة في المنطقة من جانب عناصر تابعين للقاعدة- من جبهة النصرة التنظيم الارهابي الإسلامي السّني- وفي مقابلهم قوات حزب الله (التي تساعد نظام الأسد)، مما يفرض إعادة درس الواقع الأمني على حدود الشمال من جديد.

·      حتى بداية 2014 سيطرت على المنطقة الجنوبية- الشرقية من القنيطرة المتاخمة للحدود مع إسرائيل والأردن من (محافظة درعا)، قوات تابعة لـ"الجبهة الجنوبية" (التي تضم قوات من الجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية)، بينما سيطر الأسد على محافظة القنيطرة. خلال هذا العام خاض حزب الله معارك ضارية ضد جبهة النصرة على طول الحدود بين لبنان وسورية شمالي دمشق، وانتصر فيها وبقي في المنطقة لمنع تمركز القاعدة من جديد هناك.

·      لكن بعد طرد جبهة النصرة من الجبهة الشمالية- الغربية، بدأت في نقل قواتها إلى الجنوب بهدف السيطرة على منطقة درعا والتقدم من هناك في اتجاه القنيطرة.

·      لا يستطيع الجيش السوري وقوات حزب الله السماح لجبهة النصرة باحتلال القنيطرة لعدة أسباب: فالمدينة تشكل طريقاً إلى دمشق، وهي موجودة في منطقة استراتيجية تستطيع قوات المعارضة إذا أرادت أن تنشط انطلاقاً منها ضد حزب الله في جنوب لبنان؛ كما تستطيع جبهة النصرة القيام باستفزازات وجرّ إسرائيل إلى التدخل، الأمر الذي يتعارض مع مصلحة الأسد وحزب الله.

·      لذا، ففي أعقاب النجاحات التي حققتها جبهة النصرة في درعا، بدأ حزب الله بنقل قواته ويستعد لمعركة القنيطرة.

·      من جهته، يحاول الجيش السوري إبعاد الثوار من خلال القصف الجوي واستخدام قذائف الكلور في درعا، وحتى الآن فإن المواجهة بين جبهة النصرة وحزب الله محدودة. لكن يبدو من خلال الأحاديث على شبكات التواصل الاجتماعي أن المعركة على القنيطرة باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى. فالطرفان يستعدان واقتربت اللحظة التي ستضطر فيها إسرائيل إلى مواجهة واقع جديد إشكالي على الحدود الشمالية، حيث من الممكن بدلاً من الجيش السوري أن تسيطر على المنطقة قوات تابعة للقاعدة أو لحزب الله.

·      من وجهة نظر إسرائيل، هاتان النتيجتان سيئتان. ويجب أن تستند الاستعدادات الإسرائيلية إلى تقدير الضرر، أي يجب أن ندرس الضرر المتوقع في كل سيناريو، ووضع سياسة استراتيجية وتكتيكية مناسبة.

·      ثمة احتمال آخر هو الانتظار. فإذا كان الخياران سيئين بالدرجة عينها، فإن سياسة "انتظر ولا تفعل شيئاً" هي السياسة الأصح حتى يصبح من الممكن بدقة معرفة من هو الطرف المنتصر وما موقفه حيال إسرائيل.

·      في المقابل، إذا تبين أن وجود قوات تابعة لتنظيم القاعدة على حدود إسرائيل الشمالية أمر سيئ بالنسبة لها أكثر من وجود قوات لحزب الله (أو العكس)، فثمة حاجة إلى عملية مبادأة إسرائيلية، للحؤول دون سيطرة هذا التنظيم أو ذاك. وحتى لو كان الفارق في حجم الضرر الناتج عن سيطرة حزب الله أوجبهة النصرة ضئيلاً، فإنه يتعين على إسرائيل التفكير في إمكانية التدخل لتكريس الواقع الأقل إشكالية.

·      إن نقاش هذه السيناريوات يسمح بالاستعداد بصورة أفضل وتقليص عناصر المفاجأة. وفي جميع الأحوال، فإن هذا سيزيد من هامش المناورة السياسية والعسكرية لإسرائيل قبيل نشوء واقع جديد على الحدود.