· لا شك في أن فشل الجهود الرامية إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، جرّاء الفشل في تمديد تجميد أعمال البناء في المستوطنات الواقعة خلف الخط الأخضر، يوفر لإسرائيل فرصة جيدة كي تصوغ استراتيجيا أخرى لإدارة النزاع.
· ولا بُد من الإشارة في هذا الشأن إلى أن إسرائيل قامت في السابق بثلاث محاولات كان هدفها التوصل إلى تسويات سلمية مع أعدائها، وقد كُتب لها النجاح بصورة كاملة أو جزئية والمقصود هنا هو المحاولات التي أسفرت عن توقيع اتفاقيتي سلام مع مصر والأردن، وعن عملية سلام مستمرة مع الفلسطينيين. وهذه المحاولات كلها بدأت بواسطة اتصالات سرية، فضلاً عن كونها ثنائية، أي من دون اشتراك الولايات المتحدة أو أي طرف ثالث آخر.
· غير أنه في ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية قامت إسرائيل باستبدال هذه الاستراتيجيا بأخرى تقوم على أساس إجراء مفاوضات بين القدس وواشنطن كانت تنتهي باتخاذ خطوات ميدانية أحادية الجانب، كما حدث مثلاً في أثناء تنفيذ خطة الانفصال عن غزة [سنة 2005]. من ناحية أخرى، فإنه جرى رهن تقدّم عملية السلام مع الفلسطينيين ببلورة ردّ ملائم على الخطر النووي الإيراني. وبناء على ذلك، فإن سياسة إسرائيل إزاء النزاع مع الفلسطينيين أصبحت متأثرة بالضغوط الأميركية لا بمصالحها الحقيقية.
إن ما على إسرائيل فعله الآن هو العودة إلى المقاربة الأصلية لإدارة النزاع، والتي تتضمن مفاوضات ثنائية مباشرة بينها وبين الفلسطينيين، ومن الأفضل أن تكون سرية، ذلك بأن مفاوضات كهذه من شأنها أن تجعل كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين يفكر بمصالحه أكثر من أي شيء آخر.