بعد مرور عشرة أعوام على خطة كلينتون، هل تملك الإدارة الأميركية خطة سلام جديدة؟
تاريخ المقال
المصدر
- في كانون الأول/ ديسمبر 2000، وخلال الفترة التي أوشكت الولاية الثانية للرئيس الأميركي فيها على الانتهاء، قدّم بيل كلينتون اقتراحاته للتقريب بين وجهات النظر الإسرائيلية والفلسطينية. ولم يسبق أن دخلت أي إدارة أميركية، قبله أو بعده، في مثل هذه التفصيلات للرؤية السلمية للمنطقة. وقد أراد كلينتون إنجاز مبادرته السلمية في نهاية سنة 2000، وأعلن أنه في حال عدم حصوله على رد إيجابي من الطرفين، فإنه سيسحب اقتراحاته من التداول.
- ذات ليلة شتائية، اجتمعنا نحن أعضاء "المجلس الحكومي للسلام"، برئيس الحكومة آنذاك إيهود باراك، واستمعنا إلى وزير الخارجية شلومو بن عامي الذي قرأ أمامنا مقترحات كلينتون. كنا نمر في مرحلة حرجة، إذ كان من المنتظر أن تجري الانتخابات بعد شهر ونصف شهر. اتفقنا على الرد على خطة كلينتون بـ "نعم، ولكن"، وقررنا الموافقة على الأطر الأساسية، ثم إضافة التحفظات، وهذا ما جرى.
- أما عرفات فأجّل ردّه حتى اللحظة الأخيرة، وكان رداً متحفظاً. لكن كلينتون كان مستعداً لاعتباره رداً إيجابياً. إلاّ إن الخطة استُبعدت عن جدول الأعمال لأنها لم تحظَ بموافقة الطرفين. وعلى الرغم من ذلك، فإن التخلي عن الخطة كان شكلياً فقط، لأن الرئيس الذي أتى بعد كلينتون لم يقدّم خطة بديلة. وبقيت هذه الخطة مهمة وملائمة حتى بعد مرور عشرة أعوام على طرحها، وقد شكلت الأساس غير الرسمي لمفاوضات طابا سنة 2001، والأساس الذي استندت إليه مبادرة جنيف.
- واليوم تقترح هيلاري كلينتون البحث في التسوية الدائمة، وتلمّح إلى أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن الولايات المتحدة ستقدم اقتراحاتها الخاصة. فهل ستكون هذه الاقترحات شبيهة بخطة كلينتون؟ ربما لا تكون شبيهة بها، لكن الفارق لن يكون كبيراً. فالترتيبات الأمنية التي ستقترحها الولايات المتحدة ستكون مشابهة لتلك التي قدمتها قبل عشرة أعوام، أي: بقاء قوات إسرائيلية في وادي الأردن لثلاثة أعوام بعد قيام الدولة الفلسطينية؛ وضع محطات إنذار في الضفة عشرة أعوام على الأقل؛ أن تكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح؛ أن تحصل إسرائيل على ترتيبات خاصة فيما يتعلق باستخدام الأجواء الفلسطينية.
- أما بالنسبة إلى القدس الشرقية، فإن الأميركيين سيعودون إلى اقتراحهم بتقسيمها إلى أحياء عربية ويهودية، وسيطالبون بأن تكون الأحياء اليهودية تحت سيطرة إسرائيل، والأحياء العربية تحت سيطرة الدولة الفلسطينية، أما حائط المبكى فيكون إسرائيلياً، وجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] يكون فلسطينياً.
- إن القدس واللاجئين موضوعان حساسان للغاية، ومن المنتظر أن تكون التنازلات المقترحه بصددهما مهمة للغاية. فالتنازل الإسرائيلي الأكبر سيكون في القدس، أما التنازل الفلسطيني الأهم فسيكون في موضوع اللاجئين.
- والسؤال الحقيقي المطروح الآن هو: ماذا ستتضمن الخطة الأميركية؟ هل سيقترح أوباما حلولاً غير ملزمة؟ وهل سيؤدي رفض الطرفين هذه الحلول إلى استبعادها عن جدول الأعمال؟ وهل ستحوّل الولايات المتحدة خطتها إلى موقف رسمي تلتزم به في المفاوضات، وتهدد بفرض العقوبات على الطرف الذي سيرفض الخطة؟
- إن الرد على هذه الأسئلة هو الذي سيحسم مصير الخطة الجديدة- في حال ولادتها بعد الفشل الأكيد للمفاوضات غير المباشرة، وسيحدد ما إذا كانت ستلقى مصيراً مشابهاً للخطة القديمة التي جرى سحبها من التداول قبل عشرة أعوام.