كيف ندافع عن حاجاتنا الأمنية وعن المناطق
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       حسناً فعلت الحكومة الإسرائيلية عندما طالبت بالفصل في مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية بين الموضوعات الأمنية وبين مسألة الحدود والسيادة. إن المصلحة الإسرائيلية في هذا الموضوع واضحة، لأن تركيز المفاوضات في المرحلة الأولى على موضوع الأمن، سيسمح باختبار موقف السلطة الفلسطينية من المسائل الأخرى المتعلقة بالأمن، ولا سيما موضوع تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح، والسيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي في يهودا والسامرة (وهو أمر حيوي في الدفاع عن الأجواء الإسرائيلية)، والموافقة الفلسطينية المبدئية على الوجود العسكري الإسرائيلي في مناطق اعتُبرت دوماً حساسة من الناحية الاستراتيجية، مثل وادي الأردن.

·       وفي حال أبدى الفلسطينيون تفهماً حقيقياً للمصالح الأمنية الإسرائيلية، فإن إسرائيل تستطيع آنذاك، المضي قدماً في معالجة المطالب الإقليمية. لكن هل من الممكن في المفاوضات المقبلة الاستمرار في الفصل بين الموضوعات الأمنية والموضوعات الإقليمية؟

·       منذ أعوام طويلة، يشهد الجدل السياسي الإسرائيلي بشأن مسألة التسوية السياسية وجهات نظر متعارضة. ولوقت طويل كانت وجهة النظر الإسرائيلية التقليدية في الموضوع هي تلك التي وضعها يغآل ألون، وفحواها أن على إسرائيل السعي في المفاوضات للحصول على السيادة الإسرائيلية على الأماكن التي لها أهمية استراتيجية واضحة.

·       لكن في الأعوام الأخيرة، برزت وجهة نظر مخالفة تقول إن في الإمكان التنازل عن المطالب الإقليمية في مناطق يهودا والسامرة، والانسحاب إلى حدود 1967، في مقابل الحصول على ترتيبات أمنية داخل الدولة الفلسطينية. وتدل التجارب التاريخية على أن نجاح نشر قوات عسكرية أجنبية في أرض تابعة لسيادة دولة أخرى، مرتبط إلى حد بعيد بوجود خطر مشترك يتهدد الدولتين، كما حدث مع القوات الأميركية التي انتشرت في ألمانيا خلال الحرب الباردة في مواجهة الاتحاد السوفياتي، وتلك المنتشرة في كوريا الجنوبية في مواجهة تهديد كوريا الشمالية.

·       يختلف الوضع في الشرق الأوسط تماماً عن الأوضاع المشار إليها. وثمة أسباب أخرى تدفعنا اليوم إلى تبني وجهة النظر التي تفصل بين الموضوعات الأمنية والإقليمية.

·       أولاً، تطالب الإدارة الأميركية الطرفين بالبدء منذ الآن، بالبحث في ترسيم حدود الدولة الفلسطينية، وترفض الاقتراح الإسرائيلي الذي يطالب، أولاً، بإجراء نقاش مستقل للموضوع الأمني. وترى واشنطن أن على إسرائيل والفلسطينيين البحث في الموضوع الأمني في إطار المفاوضات بشأن المسائل الأساسية بما في ذلك الحدود، والقدس، واللاجئون، والمستوطنات. وقد ملّت الإدارة الأميركية من التصريحات العامة، وهي تطالب اليوم بالعمل على خرائط.

·       ثانياً، أعربت السلطة الفلسطينية عن معارضتها الشديدة لكل وجود عسكري إسرائيلي ضمن حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. واشتكى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أثناء زيارته لدول الإمارات، من أن رئيس الحكومة الإسرائيلية "يريد البقاء أعواماً طويلة في المناطق الفلسطينية، بما في ذلك نهر الأردن، والتلال الغربية للضفة". كما أشار، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية اللواء في الاحتياط زئيف فركش، مؤخراً، إلى أن الفلسطينيين يرفضون فكرة "التجريد من السلاح"، وهم يتحدثون عن "تسلح محدود"، الأمر الذي سيسمح لهم بالتزود بمركبات حربية مدرعة، وبالسلاح الصاروخي. وإزاء مواقف الفلسطينيين المتشددة هذه، من المحتمل أن يوافق الفلسطينيون، بضغط أميركي، على وجود عسكري إسرائيلي (مثل وجود قوات للجيش الإسرائيلي في وادي الأردن، وإقامة محطات إنذار). لكن هذه الترتيبات الأمنية سرعان ما ستتآكل نتيجة المعارضة الداخلية في السلطة الفلسطينية، وستجد إسرائيل نفسها من دون سيطرة على المناطق الاستراتيجية، ومن دون ترتيبات أمنية.

·       ثالثاً، على إسرائيل أن تدرس من جديد مواقفها من الموضوعين الإقليمي والأمني، من خلال تحليل السيناريوهات المتعددة على الصعيد السياسي. فالسلطة الفلسطينية تبحث في خطوة أحادية بدلاً من التفاوض مع إسرائيل، ومعنى ذلك قلب كل الأوراق، أي تأجيل البحث في الترتيبات الأمنية، لأن الفلسطينيين سيركزون جهدهم على الحصول على التأييد الدولي لمطالبهم الإقليمية.

·       وفي حال توجه الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة [للاعتراف بدولتهم] فإن موضوع حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية سيشكل محور النضال الذي ستخوضه إسرائيل. فالفلسطينيون يسعون لرفض أي مطالب إقليمية لإسرائيل خارج الخط الأخضر، بما في ذلك البلدة القديمة في القدس. وهم يحاولون الحصول على تأييد دولي لمطالبتهم بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967، من دون تقديم أي تنازلات في موضوع اللاجئين أو أي موضوع آخر.

·       ومن أجل مواجهة هذا السيناريو، على إسرائيل تقديم مطالب إقليمية واضحة. وعندما سيتضح للمجتمع الدولي أن إسرائيل ستردّ على أي خطوة أحادية من جانب الفلسطينيين بتنفيذ مطالبها على جزء من يهودا والسامرة، فإن هذا من شأنه أن يدفع بالولايات المتحدة وبحلفائها إلى الضغط على الفلسطينيين لمنعهم من القيام بخطوات أحادية الجانب.

·       من أجل هذا كله، يجب ربط الموضوع الإقليمي بمصالح إسرائيل الأمنية بدلاً من الفصل بينهما.