· إن الطريقة التي حاول الرئيس السوري بشار الأسد بواسطتها أمس، نفي مسؤوليته الشخصية عن إقامة قاعدة لصواريخ حزب الله في سورية، لم تكن مقنعة قط. فقد قال: "إذا كان لديكم معلومات وصور فاعرضوها عليّ"، في حين أن صحيفة الـ"تايمز" البريطانية نشرت صوراً تبيّن، بصورة واضحة، التحركات السرية التي تجري من تلك القاعدة في سورية إلى مخازن خاصة في البقاع في لبنان.
· إن ما لا يقل أهمية عن مسألة هذه القاعدة كامن في أن الأمل باستئناف العملية السياسية في الشمال آخذ في التلاشي. والسيناريو الذي أصبح الرئيس الأسد، في الآونة الأخيرة، يقترحه بشأن نهاية المفاوضات مع إسرائيل، غير مشجع مطلقاً، وفحواه ما يلي: استعادة سورية هضبة الجولان كلها حتى آخر شبر منها؛ عدم تنازلها عن تحالفها الأمني مع إيران؛ قيامها في مقابل الانسحاب الإسرائيلي بصورة كاملة من الجولان بإعلان نهاية النزاع فقط.
· ما الذي يعنيه هذا السيناريو؟ إذا أنصتنا جيداً إلى الأسد فإنه يوضح أن السلام الكامل مع إسرائيل لن يتم إلا بعد انتهاء النزاع مع الفلسطينيين ومع العالم العربي وبعد انسحاب إسرائيل إلى خطوط 1967، وفي حال إقدام إسرائيل على إعادة هضبة الجولان إليه قبل ذلك، فإنه يتعهد بإنهاء النزاع معها فقط. ولا شك في أن مثل هذا التعهد لا قيمة له، ذلك بأن الحرب ضد إسرائيل تتم أصلاً من لبنان بواسطة حزب الله.
· بناء على ذلك، فإن الأسد لا يقترح سلاماً حقيقياً [على إسرائيل]، ولا حتى في مقابل استعادة الجولان. أمّا تصريحاته في هذا الشأن فإنها تهدف، أكثر من أي شيء آخر، إلى كسب الوقت من أجل تحسين صورته ومكانته لدى واشنطن والسعودية، وربما كي يحظى بعقد لقاء مع [الرئيس المصري] حسني مبارك. ومع ذلك، فإن عملية الكشف عن وجود قاعدة لصواريخ حزب الله في سورية من شأنها أن تفضح نياته الحقيقية.