منع الحاخامين تأجير المنازل للعرب هو تجاوز للخط الأحمر
تاريخ المقال
المصدر
- أثارت الفتوى التي أصدرها الحاخامون وحرموا فيها على أتباعهم تأجير المنازل لغير اليهود عاصفة كبيرة لم يسبق لها مثيل، نظراً لأنها تخطت الخط الأحمر. فالتحريم ليس قراراً لا إنسانياً، ولا صهيونياً، ولا ديمقراطياً ولا يهودياً فحسب؛ وإنما صدر عن حاخامين يتقاضون رواتبهم من مجالس محلية وبلدية. ناهيك بما تثيره هذه الفتوى من انطباع ضمني، بأن السلطات الرسمية تدعمها، الأمر الذي يزيد في تصوير إسرائيل كدولة تمارس التمييز العنصري.
- من هنا الانتقادات التي وُجهت إلى المستشار القضائي للدولة، لعدم قيامه فوراً بالتحقيق في هذا الموضوع.يوجد فارق كبير بين فتوى الحاخامين هذه، وبين الظواهر التي تنتشر في أوروبا الوسطى وخاصة الغربية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن جزءاً كبيراً من السكان المحليين لا يرغبون في العيش بالقرب من المهاجرين المسلمين. فهذه الظاهرة في أوروبا هي ظاهرة اجتماعية - ثقافية، في حين فتوى الحاخامين قد تُفسر بأنها تعبير عن موقف السلطة في إسرائيل.
- كشفت فتوى الحاخامين قضية حساسة وحاسمة في الحياة العامة في إسرائيل، بدأت تظهر أكثر فأكثر ويزداد خطرها، ألا وهي وجود نمطين في التفكير وفي السلوك في آن معاً، يستمدان صلاحيتهما من مرجعيات مختلفة. فالجمهور الصهيوني ـ العلماني - التقليدي يعتمد النهج الديمقراطي لمؤسسات الدولة. وبالنسبة لهذا الجمهور، الذي يمثل أغلبية المواطنين في الدولة، فإن المعيار الأساسي، هو المزج بين المعايير الديمقراطية وبين المعايير اليهودية، وهذا المزج هو أساس الشعور بالأمان الذي يحتاجه المواطن، ويجعله يشعر بأن المجتمع الذي يعيش فيه يسير في الطريق التي يرغب في السير فيها.
- في مقابل هؤلاء، فإن مرجعية جمهور كبير من الحريديم [المتدينين المتزمتين] هي حاخامو الفرق الدينية، والتيارات المختلفة، التي يتألف منها هذا الجمهور، وليست الدولة ومؤسساتها.
- إن فتوى تحريم تأجير المنازل، هي قضية مطروحة على الجمهور الديمقراطي - العلماني. والسؤال هو: كيف نفرض مبادىء الدولة وقانونها على الجميع؟ وكيف يمكننا لجم تصاعد قوة الحاخامين، الذين لا يكتفون، هم وجمهورهم برفض الاعتراف بالقانون، وإنما يقومون بمحاربته وبالتحريض عليه.