خلافات إسرائيلية حول سبل مواجهة الوضع في قطاع غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

قال رئيس الحكومة إيهود أولمرت في مستهل جلسة الحكومة صباح أمس (الأحد) إن المسؤولية عن خرق التهدئة وخلق حالة من العنف في جنوب البلد تقع كلها على عاتق منظمة "حماس" وسائر المنظمات "الإرهابية" في غزة. وأضاف أنه أصدر تعليمات إلى المؤسسة الأمنية طلب فيها عرض خطط عمل ضد سلطة "حماس" في غزة، وتابع: "لن نتساهل مع محاولة المنظمات 'الإرهابية' فرض معايير للرد [على الهجمات الإسرائيلية]، وسنضرب كل من يحاول خرق التهدئة".



وتطرقت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني إلى التهدئة بقولها إنه "عندما دخلنا التهدئة كان من الواضح أننا سنلتزم الهدوء إذا التزم به قطاع غزة وإذا أوقفت عمليات التهريب وبناء القوة من جانب "حماس". وأضافت أنه "لا يمكن التسليم بخرق التهدئة وعدم العمل وفقاً للقواعد التي حددت سلفاً. يجب أن يضع الجيش أمامنا الخيارات كي نحدد طريقة الرد المرغوب فيها تبعاً للوضع الميداني".



ويشهد الخلاف الذي يسود القيادة السياسية فيما يتعلق بما يجري في غزة تصعيداً متزايداً ("معاريف"، 17/11/2008). وقد وجه نائب رئيس الحكومة حاييم رامون، في سلسلة من التصريحات والمحادثات الداخلية، انتقاداً حاداً إلى سياسة إسرائيل تجاه غزة عامة، وإلى أداء وزير الدفاع إيهود باراك خاصة. وخلال الأيام القليلة الفائتة قال رامون، في سلسلة أحاديث مغلقة وأيضاً في اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الذي عقد الأربعاء الفائت، إن "الضرر الذي تسببه سياسة الحكومة تجاه غزة أفدح من الضرر الذي وقع في الحرب الأخيرة [ضد لبنان]". وأضاف إن "قوة 'حماس' تزداد يوماً بعد يوم، وسيدفع الجيش الإسرائيلي ثمناً باهظاً عندما ندخل غزة. سندفع ثمناً دموياً فادحاً، أفدح كثيراً مما يجب، وكل ذلك بسبب سياسة عدم الرد والصمت التي يتبعها وزير الدفاع".



وقال رامون في مناقشات داخلية إن وزير الدفاع مشلول بسبب الخوف، فهو يخشى القيام بعمل في غزة، وهذا سيكلف إسرائيل ثمناً باهظاً في المستقبل لأن العملية ضد "حماس" والصدام الحقيقي بين الجانبين حتمي. وبحسب رامون، فإن إسرائيل تمتنع أيضاً من اتخاذ خطوات لوجستية سهلة نسبياً كوقف تزويد القطاع بالماء أو الكهرباء وقفاً تاماً رداً على إطلاق الصواريخ.



ويوم الجمعة الفائت قال رامون إن التهدئة في غزة ماتت رسمياً، وعلى إسرائيل شن عملية عسكرية واسعة في القطاع من أجل وضع نهاية لسلطة "حماس".



ومن جهته قال وزير الدفاع إيهود باراك في كلمة ألقاها أمس: "إن استمرار إطلاق الصواريخ من غزة وضع لا يمكن تحمله ولا يجوز أن يستمر. لكن الهيجان والصراخ ليسا سياسة". وأضاف: "يجب ألاّ نأسف على استمرار الهدوء دقيقة واحدة، فمنذ نصف عام تقريباً يذهب أطفال سديروت والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة إلى المدارس تحت سماء خالية من الصواريخ، وأنا وزير الدفاع ولست وزير الحرب. إن الأمن ليس كلاماً متغطرساً، وقد رأينا قبل عامين ما يمكن أن يجلبه قرار متسرع على أمن إسرائيل. لقد اشتركتُ في العديد من الحروب، وبحسب تقديري ووجهة نظري المهنية فإننا لسنا متأخرين في العمل. صحيح أن 'حماس' تزداد قوة، لكن الجيش الإسرائيلي قوي بما فيه الكفاية ويعرف كيف يتصدى لهذا الأمر".



وفي مستهل جلسة الحكومة صباح الأحد هاجم وزير الصناعة والتجارة إيلي يشاي سلوك الحكومة تجاه هذا الموضوع، وقال: "إن من يؤمن بالتهدئة يتصرف كالنعامة. وللأسف فإن الحكومة لا تتخذ قرارات [صائبة]". وأضاف: "نحن لا نستخدم سلاح الجو لندمّر مراكز قيادة وأنفاق، بينما تستغل 'حماس' التهدئة كي تسلح نفسها. من الصواب أن نهاجم بنى تحتية من الجو، ومن ثم أن نناقش خطواتنا التالية. لست أفهم لماذا نواصل تزويد غزة بالكهرباء والماء والغاز والمساعدات الاقتصادية".



ورداً على ذلك قال وزير الدفاع: "إنني لا أوصي أحداً بالندم على أي شهر يمر تكون هناك فيه تهدئة، لكن إذا اختار الطرف الآخر خرق اتفاق التهدئة فسندرس الأمر بجدية".



وفي هـذه الأثناء قدمت كتلتـا الليكـود وإسرائيل بيتنا طلبـاً لعقـد جلسة خاصـة للكنيست لمناقشة هـذا الموضوع، وقالت أوسـاط كتلة الليكود إنـه يجب مناقشة "ضعف حكومة أولمرت ـ ليفني ـ باراك، وعدم ردها على هجوم الصواريخ ضد عسقلان وسديروت ومستوطنات النقب الغربي".



وبعد يوم آخر واصل فيه الفلسطينيون إطلاق الصواريخ على بلدات الجنوب، قال وزير المواصلات شاؤول موفاز في كلمة ألقاها أمام مؤتمر عقد في أسدود أمس (الأحد) إن الواقع الحالي يبرهن على تأكل قوة الردع الإسرائيلية، وأضاف: "إن الواقع الحالي الذي نقوم فيه بإحباط عملية إرهابية، ومن ثم يتجرؤون على إطلاق صواريخ غراد على عسقلان وصواريخ قسام على سديروت، أمر لا يمكن تحمله. إن جدول الأعمال في دولة إسرائيل يجب أن تقرره الحكومة الإسرائيلية لا المنظمات الإرهابية".



وقال موفاز أن تأكل قوة الردع الإسرائيلية بدأ في حزيران/ يونيو 2007 عندما سيطرت "حماس" على القطاع، وأوضح أنه "يجب بذل أقصى الجهد من أجل صوغ واقع مختلف في مواجهة سلطة 'حماس'، ولا يجوز أن نسمح بوضع يكون فيه الهدوء مصلحة إسرائيلية فقط".



وخلال لقاء وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بوزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في القدس أمس، أوضحت ليفني أن إسرائيل تتوقع من المجتمع الدولي دعمها في كل ما يتعلق بالتصعيد الجاري على حدود قطاع غزة، وقالت إن "مسؤولية إسرائيل هي الدفاع عن مواطنيها، ومسؤولية العالم هي ألاّ يغض الطرف... عندما تهاجَم إسرائيل، فعليها أن ترد، ونتوقع من المجتمع الدولي دعم إسرائيل عندما تدافع عن مواطنيها". وأكدت ليفني أن "حماس" تستغل الوضع في غزة كي تحاول الحصول على تأييد دولي، وقالت: "هذا هو الوقت الذي يتوجب فيه على المجتمع الدولي أن يوضح أنه لا يوافق على ذلك. يجب أن يستعمل الوسائل والنفوذ المتوفرين لديه من أجل وقف العمليات الإرهابية". وتابعت: "مثلما أن 'حماس' مسؤولة عن الهجمات التي تشن ضد إسرائيل، فإنها مسؤولة كذلك عن وضع غزة والمواطنين الذين يعيشون فيها".