· إن الدعوات المتعددة التي تتردد في إسرائيل، والتي تطالب بإجراء تحقيق داخلي بشأن عملية السيطرة على سفينة "مرمرة" التركية التي كانت في طريقها إلى غزة، تهدف، في معظمها، إلى تفادي صدور تقرير آخر على غرار تقرير لجنة غولدستون [التي تقصت وقائع الحرب الإسرائيلية على غزة].
· لكن يبدو لي أن المشكلة ليست كامنة في إجراء تحقيق كهذا أو ذاك، ولا في أن قرار السيطرة على السفينة التركية لم يتخذ بصورة سليمة في إطار طاقم الوزراء السبعة، أو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، أو الحكومة برمتها، أو مجلس الأمن القومي، وإنما تكمن في انعدام المسؤولية لدى وزراء الحكومة وكبار المسؤولين في إسرائيل.
· ولا شك في أنه لو لم تكن إسرائيل دولة ذات جمهور ينتابه الخوف الدائم والشعور العارم بأنه ضحية، ولو لم تكن وسائل الإعلام فيها بارعة في مهرجانات التباكي الطفولية، لكان وزير دفاعها أقدم، غداة عملية السيطرة على سفينة "مرمرة"، على الوقوف أمام الجمهور العريض، وقال إنه ألحق ضرراً كبيراً بمصالح دولة إسرائيل، ولذا، فإنه يقدّم استقالته من منصبه.
· كذلك، فإنه في أي دولة يُعتبر الجيش أداة لا رمزاً مقدساً، كان حرياً برئيس هيئة الأركان العامة أن يقرّ حالاً بأن خطة السيطرة على السفينة افتقرت إلى المهنية، وأن تنفيذها كان فاشلاً ويبدأ فوراً عملية تحقيق شاملة داخل صفوف الجيش.
· بناء على ذلك، فإن أي تحقيق داخلي سيقوم به مراقب الدولة سيكون مضيعة للوقت ولا لزوم له، كما سبق أن حدث مع تقرير لجنة فينوغراد [التي تقصّت وقائع حرب لبنان الثانية في صيف سنة 2006].