اعتراف الأمم المتحدة بدولة فسلطين سيشكل حاجزاً أمام حل الدولة الثنائية القومية، ولن يتعارض مع اتفاقات أوسلو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       قبل أن تهبط الطائرة التي تقلني في مطار بن - غوريون حلقت فوق هضاب الضفة الغربية، والمشهد الذي رأيته من النافذة يشكل أفضل تعبير عن محنة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من آلاف الكلمات، إذ إلى جانب كل مستوطنة ترى حياً جديداً قيد الإنشاء. وهذا هو المشهد الذي يراه سكان الضفة الغربية يومياً فهم يشاهدون كيف تسعى حكومة إسرائيل إلى تغيير الخريطة على الأرض، في الوقت الذي تدعي فيه بعدم وجود محاور فلسطيني.

·       قبل فترة قصيرة قمت مع مجموعة من كبار الضباط في الاحتياط بزيارة محمود عباس في رام الله. ولقد بدا لي بعكس ما تدعيه الحكومة الإسرائيلية مستعداً لاستئناف المفاوضات، ومتمسكاً بتعهداته بعدم اللجوء إلى الإرهاب والعنف.

·       لقد ساهم صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر في مفاقمة محنة محمود عباس الذي لم يخسر فقط الدعم المصري الذي كان يتمتع به سابقاً، وإنما انتقل هذا الدعم إلى خصمه السياسي حركة "حماس". كذلك يبدو أن دول الخليج قد تراجعت عن دعمها له. وها هي قطر تدعم "حماس" بسخاء وتحولت قناة "الجزيرة" الفضائية إلى بوق لهذه الحركة الإرهابية. أما الحزب الحاكم في تركيا، أهم دولة إسلامية سعت في الماضي إلى إحلال السلام في المنطقة، فينظر إلى حركة "حماس" بوصفها الأخت الصغرى له. في ظل هذه الظروف لم يبق لرئيس السلطة الفلسطينية المهدد من الداخل والمعزول خارجياً، والذي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى الإطاحة به سوى التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعترافها كمخرج أخير له. وهو يقول بوضوح إنه مستعد البدء بالمفاوضات من دون شروط مع أي حكومة إسرائيلية بعد التصويت في الأمم المتحدة.

·       ويمكننا القول بأن اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كعضو مراقب ليس بالضرورة أمراً سيئاً بالنسبة لإسرائيل لا بل على العكس فقد تكون له نتائج ايجابية. إذ إن هذا الإعتراف سيشكل حاجزاً قانونياً في وجه حل الدولة الواحدة الثنائية القومية. فهو سيحدد بعد مرور 65 عاماً القرار الصادر عن الأمم المتحدة بتقسيم أرض إسرائيل إلى دولة يهودية تقوم على 78% من أراضيها، ودولة عربية تقوم على 22%، أي نصف ما أعطي لهذه الدولة سنة 1947. ويمكن القول إن هذا بمثابة انتصار كبير للصهيونية بعد ست حروب وانتفاضتين.

·       كما أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية عضو مراقب لا يتعارض مع اتفاقات أوسلو. فقد جاء في هذه الاتفاقات التالي: في حال حارب الفلسطينيون الارهاب فسيحصلون على دولة بمساعدة إسرائيل. وهذا ما تقوم به السلطة الفلسطينية وما يؤكده قادة الجيش الإسرائيلي والشاباك. لكن على الرغم من ذلك لم يحصل الشعب الفلسطيني على الدولة المستقلة والآمنة.

·       إن التهديدات التي يطلقها وزراء الحكومة ضد محمود عباس عشية الانتخابات الداخلية لا فائدة منها وتعكس أجواء عداء وخوف وهي مؤذية لإسرائيل. ومما لا شك فيه أن انهيار السلطة الفلسطينية سيفرض على الجيش الإسرائيلي إدارة الضفة الغربية وهذا أمر باهظ التكلفة مالياً ودبلوماسياً. كما أن تفكك القوة الأمنية الفلسطينية سيتطلب تكثيفاً كبيراً لوجود الجيش الإسرائيلي في الضفة كما كان عليه في أعوام الانتفاضة. وستعود مسائل الأمن الجاري إلى استنزاف موارد الجيش الإسرئيلي وقدراته، مثلما كان عليه الوضع عشية حرب لبنان الثانية.

·       لذا يجب على إسرائيل والدول الصديقة لها أن تفرض شرطاً واحداً على السلطة  الفلسطينية هو عدم استخدام الاعتراف الدولي بها من أجل التوجه إلى محكمة العدل العليا في لاهاي أو من أجل فرض أي نوع من أنواع الحظر على إسرائيل. وفي حال التزم عباس بهذا الشرط، يتعين علينا دعم مطلبه والتوقف عن مهاجمته.