· السؤال الذي يثير اهتمام الجميع في هذه الأيام هو: هل سيكون لنتائج انتخابات الكونغرس المقبلة [في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر] تأثير في السياسة الخارجية الأميركية، وخصوصاً تجاه إسرائيل؟ بكلمة أخرى، هل سيقوم الرئيس أوباما، المتحرر من الاعتبارات الانتخابية، بممارسة ضغوط على إسرائيل أم لا؟
· حتى لو تحقق معظم التوقعات ومني الحزب الديمقراطي التابع للرئيس بهزيمة، فإن ذلك لا يعني أن هذا الأمر سيؤثر بالضرورة في سياسته الخارجية. فقد غابت الموضوعات الخارجية تماماً عن معركة الانتخابات الحالية، ولم تؤدِ إسرائيل أو أفغانستان أو العراق فيها أي دور، بل إنها تمحورت حول الشؤون الداخلية والاقتصادية.
· في هذه الأيام يقوم الرئيس أوباما بإجراء تغييرات بين مستشاريه لشؤون الأمن القومي، أي داخل المنظومة التي لا تقلّ مكانتها في صنع السياسة الخارجية عن مكانة وزارة الخارجية برئاسة هيلاري كلينتون. هناك قناعة بأن الاعتبارات السياسية الداخلية لن تكون غائبة تماماً عن السياسة الخارجية التي سيسعى الرئيس لدفعها قدماً خلال العامين المقبلين فيما يتعلق بالشؤون الإسرائيلية أيضاً، إلا إنه بغض النظر عن النتائج التي ستتمخض عنها الانتخابات، علينا أن نتذكر أن السياسة الخارجية هي من مسؤوليات البيت الأبيض، وليس الكونغرس، مع أن في إمكان هذا الأخير، طبعاً، التأثير فيها.
· من المؤكد أن الكونغرس إذا كان ودياً تجاه إسرائيل سيعمل لمصلحتها، ولدينا أصدقاء كثر في الحزبين، لكن لا يجوز أن ينشأ، جرّاء الكلام غير الحذر الذي يتردد في إسرائيل، انطباع فحواه أن إسرائيل هي حصة الجمهوريين حصراً. كما أن هناك على هامش المؤسسة [السياسية الأميركية] مستشارون سابقون أمثال زبغنييف برجنسكي، مستشار كارتر سابقاً، وبرنت سكوكروفت، مستشار بوش الأب، يحثون أوباما على اقتراح "حل مفروض" [على إسرائيل والفلسطينيين].
· غير أنه يبدو أن الرئيس نفسه ليس متحمساً لهذا الأمر في المرحلة الراهنة. ويبدو أنه يفهم اليوم، أكثر مما فعل في السابق، أن الموعد الذي حدده لإنهاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، أي خلال عام، ليس واقعياً، وبالتالي، فإن من الأفضل محاولة تحقيق تقدم على الأرض، والتركيز على تحقيق ازدهار اقتصادي في المناطق الفلسطينية، وتحسين الأمن الجاري، وإزالة حواجز، ومواصلة الحوار من أجل بث روح التفاؤل والتقدم، وذلك من دون المجازفة بفشل فوري.
· وكما يعرف نتنياهو أن الشخص الذي سيقف في مواجهته خلال العامين المقبلين على الأقل هو أوباما، فإن اهذا الأخير يفهم أيضاً أن محاوره سيكون نتنياهو. وعلى الرغم من عدم الانسجام بينهما، فإنهما كلاهما سيبذلان أقصى ما يستطيعان لمنع وقوع مواجهات بينهما.
· إن الأهداف النهائية لأوباما لم تتغير، وهي لن تتغير، لكن بعد عام من حصوله على جائزة نوبل للسلام، فإن من المحتمل أن تكون مقاربته الأيديولوجية قد "اكتوت" بمقتضيات الواقعية السياسية. ونتيجة ذلك، لن تتحقق آمال الفلسطينيين وآمال جهات إسرائيلية معينة بأن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على إسرائيل.
ومع ذلك، لا يجوز لإسرائيل أن تجلس هادئة مطمئنة، وإنما عليها القيام بخطوات من جانبها، أو الامتناع من القيام بخطوات معينة، كي تضمن ألاّ تؤدي نقاط عدم الاتفاق بينها وبين واشنطن إلى مواجهات.